المناسبة
قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (١) ما أفاض به على موسى من نعمه في الصغر من إنجائه من الهلاك بعد وضعه في التابوت وإلقائه في النيل، وإنجائه من الذبح الذي عم بني إسرائيل.. أردفه بذكر ما أنعم به عليه في كبره من إيتائه العلم والحكمة، ثم إرساله رسولًا ونبيًا إلى بني إسرائيل والمصريين، ثم ذكر ما حصل منه من قتل المصري الذي اختصم مع اليهودي بوكزه بجُمْع يده، وكان ذلك سببًا في موته، ثم طلبه المغفرة من ربه على ما فعل، ثم تصميمه وعزمه أن لا يناصر غويًا مجرمًا، ثم أعقب ذلك بذكر خصام آخر بين ذلك اليهودي وقبطي آخر، وقد هم موسى اغاثته أيضًا فقال له المصري: أتريد الإصلاح في الأرض، أم تريد أن تكون من الجبارين المفسدين.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿طسم (١)﴾ يشير (٢) إلى القسم بطاء طَوله تعالى، وطاء طهارة قلب حبيبه - ﷺ - عن محبة غيره، وطاء طهارة أسرار موحديه عن شهود سواه، وبسين سرِّه مع محبيه، وبميم مننه على كافة مخلوقاته بالقيام بكفاياتهم على قدر حاجاتهم، كذا في "التأويلات النجمية"، وقد تقدم (٣) قولنا: إن أحق الآراء وأجدرها بالقبول في معنى هذه الحروف المقطعة أنها حروف يُراد بها التنبيه كما يراد مثل ذلك من معنى "يا" في النداء، و"ألا" في الاستفتاح، ونحوهما، ويُنطق بها بأسمائها هكذا (طا، سين، ميم) وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: ﴿طسم (١)﴾ طاء طَوله وقدرته، وسين سنائه ورفعته، وميم ملكه.
٢ - ﴿تِلْكَ﴾؛ أي: هذه السورة ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾؛ أي: آيات مخصوصة من القرآن الظاهر إعجازه، فاسم الإشارة إلى آيات هذه السورة، فالإشارة لمحقق

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon