عَلَيْهِ} وقدمت في قوله: ﴿هُوَ عَلَىّ هيَنٌ﴾؟
قلت: هنالك قصد الاختصاص، وهو تجبره، فقيل: و ﴿هُوَ عَلَىّ هَيّنٌ﴾، وإن كان مستصعبًا عندك أن يولد بين هرم وعاجز، وأما هنا: فلا معنى للاختصاص، كيف والأمر مبني على ما يعقلون، من أن الإعادة أسهل من الابتداء، فلو قدمت الصلة لتغير المعنى. انتهى.
﴿وَلَه﴾ سبحانه وتعالى، لا لغيره ﴿الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾؛ أي (١): الوصف الأعلى، العجيب الشأن، من القدرة العامة، والحكمة التامة، وسائر صفات الكمال، التي ليست لغيره تعالى ما يدانيها، فضلًا عما يساويها، فالمثل بمعنى الصفة، كما في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي﴾ وقوله: ﴿مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾؛ أي: صفتها وصفتم، قاله الخليل، وقال مجاهد: المثل الأعلى: قول لا إله إلا الله، وبه قال قتادة، أراد به الوصف بالوحدانية، يعني له الصفة العليا، وهي: أنه لا إله إلا هو، ولا رب سواه: وقيل: المثل الأعلى: هو أنه ليس كمثله شيء، وقيل: هو أنه ما أراده كان بقول: كن.
وقوله: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ متعلق (٢) بمضمون الجملة المتقدمة، على معنى أنه تعالى قد وصف بالمثل الأعلى، وعرف به فيهما على ألسنة الخلائق؛ أي: نطقًا، وألسنة الدلائل؛ أي: دلالةً، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من ﴿الْأَعْلَى﴾، أو من ﴿الْمَثَلُ﴾، أو من الضمير في ﴿الْأَعْلَى﴾.
﴿وَهُوَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿الْعَزِيزُ﴾ في ملكه القادر الذي لا يغالب، أو القادر الذي لا يعجز عن بدء ممكن ما، وإعادته ﴿الْحَكِيمُ﴾ في أقواله وأفعاله الذي يجري الأفعال على سنن الحكمة والمصلحة.
قال بعضهم (٣): دلت الآية على أن السماوات والأرض مشحونة بشواهد وحدته، ودلائل قدرته تعالى، والعجب منك، أنك إذا دخلت بيت غني.. فتراه
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.