المناسبة
قد تقدم لك ذكر مناسبة السورة للسورة، هنا نذكر مناسبة الآيات بعضها لبعض، قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (١): أن الله سبحانه لما بين حال السعداء الذين يهتدون بكتاب الله تعالى، وينتفعون بسماعه، وهم الذين قال الله فيهم: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾.. أردف ذلك بذكر حال الأشقياء، الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله تعالى، وأقبلوا على استماع كلام المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر حال من أعرض عن الآيات، وبين مآله.. عطف على ذلك ذكر مآل من قبل تلك الآيات، وأقبل على تلاوتها والانتفاع بها.
قوله تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين فيما سلف كمال قدرته وعلمه، وإتقان عمله.. أردف ذلك بالاستشهاد لما سلف بخلق السماوات والأرض، وما بعده، مع تقرير وحدانيته، وإبطال أمر الشرك، وتبكيت أهله.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين (٢) فساد اعتقاد المشركين، بإشراك من لا يخلق شيئًا بمن خلق كل شيء، ثم بين أن المشرك ظالم ضال.. أعقب ذلك ببيان أن نعمه الظاهرة في السماوات والأرض، والباطنة من العلم والحكمة، ترشد إلى وحدانيته، وقد آتاها لبعض عباده، كلقمان الذي فطر عليها دون نبي أرشده، ولا رسول بعث إليه.
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما
(٢) المراغي.