وعن عبد الله بن دينار: أن لقمان قدم من سفر، فلقي غلامه في الطريق فقال: ما فعل أبي؟ قال: مات، قال: الحمد لله، ملكت أمري، قال: وما فعلت أمي؟ قال: قد ماتت، قال: ذهب همي، قال: ما فعلت امرأتي؟ قال: ماتت، قال: جدد فراشي، قال: ما فعلت أختي: قال: ماتت، قال: سترت عورتي، قال: ما فعل أخي؟ قال: مات، قال: انقطع ظهري، وانكسر جناحي، ثم قال: ما فعل ابني؟ قال: مات، قال انصدع قلبي.
وقال في "فتح الرحمن": وقبر لقمان بقرية صرفند، ظاهر مدينة الرملة من أعمال فلسطين - بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين - وهي البلاد التي بين الشام وأرض مصر، منها الرملة وغزة وعسقلان، وعلى قبره مشهد، وهو مقصود بالزيارة، وقال قتادة: قبره بالرملة ما بين مسجدها وسوقها، وهناك قبور سبعين نبيًا ماتوا بعد لقمان جوعًا في يوم واحد، أخرجهم بنو إسرائيل من القدس، فألجؤوهم إلى الرملة، ثم أحاطوهم هنا. انتهى.
١٣ - وجملة قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ﴾ قيل: معطوفة على ما تقدم، والتقدير: ولقد آتينا لقمان الحكمة حين جعلناه شاكرًا في نفسه، وحين جعلناه واعظًا لغيره، والأولى أن تكون ﴿وَإِذْ﴾ معمولة لـ: اذكر محذوفًا؛ أي: واذكر يا محمد لقومك قصة وقت قول لقمان ﴿لِابْنِهِ﴾ قيل: اسمه أنعم، فهو أبو أنعم؛ أي: يكنى به، كما قالوا. وقال السهيلي: اسم ابنه ثاران، في قول ابن جرير والقتيبي، وقال الكلبي: اسمه مكشم، وقال النقاش: أنعم، وقيل: ماتان، قال القشيري: كان ابنه وامرأته كافرين، فما زال يعظهما حتى أسلما، قيل: وضع لقمان جرابًا من خردل إلى جنبه، وجعل يعظ ابنه موعظةً موعظةً، ويخرج خردلةً خردلةً، فنفذ الخردل، فقال: يا بني وعظتك موعظةً، لو وعظتها جبلًا.. لتفطر، فتفطر ابنه ومات.
﴿وَهُوَ﴾؛ أي: والحال أن لقمان ﴿يَعِظُهُ﴾؛ أي: يعظ الابن، والوعظ: زجر يقترن بتخويف؛ أي: يخاطبه بالمواعظ التي ترغبه في التوحيد، وتصده عن الشرك. ﴿يَا بُنَيَّ﴾ بالتصغير والإضافة إلى ياء المتكلم - بالفتح والكسر - وهو تصغير


الصفحة التالية
Icon