القراء: بالسين على الأصل، وقرأ الحسن والأعرج وأبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو وحفص ﴿نِعَمَهُ﴾ جمعًا مضافًا للضمير، وباقي السبعة وزيد بن علي: ﴿نعمةً﴾ على الإفراد.
حالة كون تلك النعم ﴿ظَاهِرَةً﴾؛ أي (١): محسوسةً مشاهدة، مثل حسن الصورة وامتداد القامة، والحواس الظاهرة من السمع والبصر والشم والذوق واللمس والنطق، وذكر اللسان والرزق والمال والجاه والخدم والأولاد والصحة والعافية والأمن ووضع الوزر ورفع الذكر، والأدب الحسن، ونفس بلا ذلة، وقدم بلا زلة، والإقرار والإِسلام من نطق الشهادتين، والصلاة والصوم والزكاة، والحج وتعلم القرآن وحفظه، ومتابعة الرسول إلى غير ذلك.
﴿و﴾ حالة كونها ﴿بَاطِنَةً﴾؛ أي: معقولةً غير مشاهدة بالحس، كنفخ الروح في البدن، وإشراقه بالعقل والفهم والفكر والمعرفة، وتزكية النفس عن الرذائل، وتحلية القلب بالفضائل، ولذا قال عليه السلام: "اللهم كما حسنت خَلقي، فحسن خُلقي" ومحبة الرسول وزينه في قلوبكم، واتصال الذكر على الدوام والرضى والغفران وقلب بلا غفلة، وتوجهٍ بلا علةٍ، وفيض بلا قلةٍ".
والمعنى (٢): أي ألم تروا أيها الناس، أن الله هو الذي سخر لكم ما في السماوات من شمس وقمر ونجوم، تستضيئون بها ليلًا ونهارًا، وتهتدون بها في ظلمات البر والبحر، وسحاب ينزل لكم الأمطار لسقي الناس والحيوان والمزارع المختلفة، وما في الأرض من الدواب والأشجار والمياه والبحار والسفن والمعادن التي في باطنها إلى نحو ذلك من المنافع التي جعلها لغذائكم وأقواتكم، فتتمتعون ببعض ذلك وتنتفعون بجميع ذلك، وأتم عليكم نعمة محسوسة وغير محسوسة.
والخلاصة: أنه تعالى نبه خلقه إلى ما أنعم به عليهم في الدنيا والآخرة، بأن سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض، وأسبغ عليهم من النعم الظاهرة

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon