﴿مِنْ شَجَرَةٍ﴾ الشجر: اسم جنس يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، كتمرة وتمر، والشجر ضد النجم، وهو ما له ساق قوي.
﴿أَقْلَامٌ﴾: جمع قلم، وأصل القلم، القص من الشيء الصلب كالظفر، وخص ذلك بما يكتب به، وفي "كشف الأسرار": سمي قلمًا لأنه قط رأسه، والإقليم: القطعة من الأرض، وتقليم الأظفار: قطعها، والفرق بين القط والقد: أن القط: القطع عرضًا، والقد: القطع طولًا، والقطع: فصل الجسم بنفوذ جسم آخر فيه.
﴿وَالْبَحْرُ﴾؛ أي: المحيط، لأنه المتبادر من التعريف، إذ هو الفرد الكامل. اهـ. "شهاب". وهو البحر الأعظم، الذي منه مادة جميع البحار المتصلة به، كبحر الغرب والشرق، والمنقطعة عنه.
﴿يُولِجُ اللَّيْلَ﴾؛ أي: يدخل، والمراد: أنه يضيف الليل إلى النهار والعكس بالعكس، فيتفاوت بذلك حال أحدهما زيادةً ونقصانًا، فالإيلاج: الإدخال، والولوج: الدخول في مضيق.
﴿تَجْرِي فِي الْبَحْرِ﴾؛ أي: تسير سيرًا سريعًا. قال في "المفردات": الجري: المر السريع، وأصله لمر الماء ولما يجري بجريه.
﴿لِكُلِّ صَبَّارٍ﴾؛ أي: مبالغ في الصبر على المشاق.
اعلم: أن الصبر تحمل المشاق بقدر القوة البدنية، وذلك في الفعل كالمشي ورفع الحجر، كما يحصل للجسوم الخشنة، وفي الانفعال كالصبر على المرض، واحتمال الضرب والقطع، وكل ذلك ليس بفضيلة تامة، بل الفضيلة في الصبر عن تناول مشتهى لإصلاح الطبيعة، والصبر على الطاعات لإصلاح النفس، فالصبر كالدواء المر وفيه نفعٌ.
﴿شَكُورٍ﴾؛ أي: مبالغ في الشكر على نعمائه، والشكر: تصور النعمة بالقلب والثناء على المنعم باللسان، والخدمة بالأركان، وجعل الصبر مبدأ، والشكر منتهًى في الآية يدل على كون الشكر أفضل من الصبر.


الصفحة التالية
Icon