﴿ثُمَّ يَعْرُجُ﴾ ويصعد الأمر المدبر من السماء، المفعول لأهل الأرض، ويرجع ﴿إِلَيْهِ﴾ تعالى التصرف في المخلوقات بالحشر والحساب ووزن الأعمال والتعذيب والتنعيم وغير ذلك، مما يقع في ذلك اليوم ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ﴾؛ أي: قدره وطوله ﴿أَلْفَ سَنَةٍ﴾؛ أي: قدر ألف سنة ﴿مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ في الدنيا من أيامها، وهو يوم القيامة.
والمعنى: أي (١) ينتقل التصريف الظاهري من أيدي العبيد يوم القيامة، ويكون لله وحده ظاهرًا وباطنًا، قال تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾؛ أي: يدبر أمر الدنيا إلى أن تقوم الساعة ثم يصير الأمر كله إليه، ليحكم فيه في يوم كان مقداره ألف سنة مما كنا نعده في هذه الحياة. اهـ. "مراغي".
فإن قلت: قال هنا: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ وفي سورة المعارج: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ فبين الآيتين معارضة من حيث العدد، فما وجه الجمع بينهما؟
قلت: يجمع بينما بأن المراد من ذكر الألف، وذكر الخمسين: التنبيه على طوله، والتخويف منه، لا العدد المذكور بخصوصه.
وقيل: يجمع بينهما: بأن موقف القيامة خمسون موقفًا، كل موقف ألف سنة، فهذه الآية بينت أحد المواقف، وآية ﴿سأل﴾ بينت المواقف كلها، وهذا القول هو الأقرب في الجمع، وقيل: يجمع بيهما: بأن العذاب مختلف، فيعذب الكافر بجنس من العذاب ألف سنة، ثم ينتقل إلى جنس آخر مدته خمسون ألف سنة.
وقيل معنى الآية (٢): أي يدبر أمر الدنيا من السماء على عباده، ويصعد إليه آثار الأمر، وهي أعمالهم الصالحة، الصادرة على موافقة ذلك الأمر، فإن نزول الأمر وعروج العمل في مسافة ألف سنة مما تعدون عليهم؛ أي: على غير الملائكة، فإن بين السماء والأرض مسيرة خمس مئة سنة، فينزل في مسيرة خمس
(٢) المراح.