الغذاء، والأغذية إما: حيوانية، وإما نباتية، والحيوانية ترجع إلى النباتية، والنبات وجوده بالماء والتراب، وهو الطين.
وقرأ الجمهور (١): ﴿بدأ﴾ بالهمز، والزهري: بالألف بدلًا من الهمزة، وليس بقياس أن تقول في هذا: هذا، بإبدال الهمزة ألفًا، بل قياس هذه الهمزة التسهيل بين بين، على أن الأخفش حكى في قرأت، قريت ونظائره، وقيل هي لغة الأنصار، تقول في بدأ: بدي، بكسر عين الكلمة وياء بعدها، وهي لغة لطي، فيحتمل أن تكون قراءة الزهري على هذه اللغة، أصله بدا ثم صار بدأ، أو على لغة الأنصار، وقال ابن رواحة:

بِاسْمِ الإِلهِ وَبِهِ بَدَيْنَا وَلَوْ عَبَدْنَا غَيْرَهُ شَقِيْنَا
٨ - ﴿ثُمَّ جَعَلَ﴾ وخلق ﴿نَسْلَهُ﴾؛ أي: نسل الإنسان الذي هو آدم وذريته، ﴿مِنْ سُلَالَةٍ﴾؛ أي: من نطفة مسلولة؛ أي: منزوعة من صلب الإنسان، ثم أبدل منها قوله: ﴿مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾؛ أي: ثم خلق نسل آدم وذريته من ماء ضعيف حقير، أو من ماء ممتهن لا خطر له عند الناس، يخرج من بين الصلب والترائب، وهو المني؛ أي: ثم جعل ذريته يتناسلون كذلك، من نطفة تخرج من بين الصلب والترائب، في كل من الرجل والمرأة، كما دل على ذلك علم الأجنة، وسيأتي إيضاح هذا عند تفسير قوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧)﴾.
٩ - ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ﴾؛ أي: سوى ذلك النسل وقومه وعدله، بتكميل أعضائه في الرحم، وتصويره على أحسن صورة، وقيل: المعنى: ثم سوى ذلك الإنسان الذي بدأ خلقه من طين، وهو آدم أبو البشر، وعدل خلقه وسوى شكله، وناسب بين أعضائه، ﴿وَنَفَخَ فِيهِ﴾؛ أي: في النسل الذي سواه في الرحم، أو في الإنسان الذي بدأ خلقه من طين، وهو آدم، ﴿مِنْ رُوحِهِ﴾؛ أي: من روح الله سبحانه وتعالى، والإضافة للتشريف والتكريم، وهذه (٢) الإضافة تقوي: أن الكلام في آدم، لا في ذريته، وإن أمكن توجيهه بالنسبة إلى الجميع؛ أي: ونفخ فيه
(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon