وقرأ الجمهور (١): ﴿نزلا﴾ بضم الزاي، وأبو حيوة: بإسكانها، والنزل: عطاء النازل، ثم صار عامًا فيما يعد للضيف
٢٠ - ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا﴾؛ أي: خرجوا عن دائرة الإيمان والطاعة، بإيثار الكفر والمعصية عليهما، ﴿فَمَأْوَاهُمُ﴾؛ أي: منزلهم ومقرهم ومرجعهم، الذين يصيرون إليه، ويستقرون فيه هو ﴿النَّارُ﴾ بدل جنات المأوى للمؤمنين ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا﴾؛ أي: من النار. ﴿أُعِيدُوا فِيهَا﴾؛ أي: في النار بمقامع الحديد؛ أي: إذا أرادوا الخروج منها.. ردوا إليها راغمين مكرهين، وهذا عبارة عن الخلود فيها، فإنه لا خروج ولا إعادة في الحقيقة، وقيل: إذا دفعهم اللهب إلى أعلاها.. ردوا إلى مواضعهم، ويروى: أنه يضربهم لهيب النار، فيرتفعون إلى طبقاتها، حتى إذا قربوا من بابها، وأرادوا أن يخرجوا منها.. يضربهم لهيب النار، أو تتلقاهم الملائكة بمقامع، فتضربهم فيهوون إلى قعرها سبعين خريفًا، وهكذا يفعل بهم أبدًا، وكلمة ﴿في﴾ للدلالة على أنهم مستقرون فيها، وإنما الإعادة من بعض طبقاتها إلى بعض.
﴿وَقِيلَ لَهُمْ﴾ والقائل (٢) لهم هذه المقالة، هم خزنة جهنم من الملائكة، أو القائل لهم هو الله سبحانه جلّ وعلا، وفي هذا القول لهم، حال كونهم قد صاروا في النار من الإغاظة ما لا يخفى؛ أي: وقيل لهم إهانةً وتشديدًا عليهم، وزيادة في غيظهم: ﴿ذُوقُوا﴾ وباشروا ﴿عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ﴾؛ أي: بعذاب النار ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ على الاستمرار في الدنيا، وتقولون: لا جنة ولا نار.
قال في "برهان القرآن": قال هنا (٣): ﴿عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ﴾. وقال في سبأ: ﴿عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا﴾ لأن النار في هذه السورة، وقعت موقع الكناية، لتقدم ذكرها، والكنايات لا توصف بوصف العذاب، وفي سبأ لم يتقدم ذكر النار، فحسن وصف النار، وهذه لطيفة فاحفظها. انتهى.
(٢) الشوكاني.
(٣) برهان القرآن.