والدعاء لا يرتفع، قال الله تعالى: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ إلى غير ذلك.
وقيل: معنى ﴿فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾؛ أي (١): من تلقي موسى كتاب الله بالرضا والقبول، وعبارة النسفي هنا: ﴿فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾؛ أي (٢): من لقاء موسى الكتاب، أو من لقائك موسى ليلة المعراج، أو يوم القيامة، أو من لقاء موسى ربه في الآخرة، كذا عن النبي - ﷺ - انتهى. وعبارة، "المراح": ﴿فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾؛ أي: فلا تكن يا أشرف الخلق في شك من لقاء الكتاب الذي هو القرآن؛ أي: إنا آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب، فلا تكن في شك من أنك لقيت نظيره. اهـ. كذا في "البيضاوي".
وقيل المعنى (٣): فلا تكن في شك من لقاء موسى الكتاب، فإنا ألقينا عليه التوراة، وهذا المعنى هو الذي يستدعيه ترتيب الفاء على ما قبلها.
فإن قلت (٤): ما معنى النهي وليس له - ﷺ - في ذلك شك أصلًا؟
قلت: فيه تعريض للكفار بأنهم في شك من لقائه، إذ لو لم يكن لهم فيه شك.. لآمنوا بالقرآن، إذ في التوراة وسائر الكتب الإلهية ما يصدق القرآن من الشواهد والآيات، فإيتاء الكتاب ليس ببدع حتى يرتابوا فيه، ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾.
وعبارة "المراغي" هنا: أي (٥) ولقد آتينا موسى التوراة، مثل ما آتيناك القرآن، وأنزلنا عليك الوحي، مثل ما أنزلناه عليه، فلا تكن في شك من لقائك الكتاب، فأنت لست ببدع من الرسل، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾.
وذكر موسى من بين سائر الرسل، لقرب عهده عن النبي - ﷺ -، ووجود من كان على دينه بينهم، إلزامًا لهم، ولم يذكر عيسى؛ لأن اليهود ما كانوا

(١) الخازن.
(٢) النسفي.
(٣) روح البيان.
(٤) روح البيان.
(٥) المراغي.


الصفحة التالية
Icon