فريضته، وواجب حقوقه عليك، وترك محارمه، وانتهاك حدوده.
والخلاصة: يا أيها المخبر عنا، المأمون على وحينا، أثبت ودم على تقوى الله تعالى.
وناداه (١) تعالى بالنبي لا باسمه؛ أي: لم يقل يا محمد، كما قال يا آدم ويا نوح ويا موسى ويا عيسى ويا زكريا ويا يحيي، تشريفًا له، فهو من الألقاب المشرفة، الدالة على علو جنابه - ﷺ -، وله - ﷺ - أسماء وألقاب غير هذا، وكثرة الأسماء والألقاب تدل على شرف المسمى، وأما تصريحه باسمه في قوله: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ فلتعليم الناس أنه رسول الله، وليعتقدوه كذلك، ويجعلوه من عقائدهم الحقة.
وقيل المعنى: يا أيها النبي اتق في نقض العهد، ونبذ الأمان، واثبت على التقوى، وزد منها، فإنه ليس لدرجات التقوى نهاية، وإنما حملت على الدوام، لأن المشتغل بالشيء لا يؤمر به، فلا يقال للجالس مثلًا: أجلس، أمره الله تعالى بالتقوى تعظيمًا لشأن التقوى، فإن تعظيم المنادي، ذريعة إلى تعظيم شأن المنادى له.
وقال ابن عطاء: معناه يا أيها المخبر عن خبر صدق، والعارف بي معرفةً حقيقةً، اتق الله في أن يكون لك الالتفات إلى شيء سواي. انتهى.
ولما وجه إلى رسوله - ﷺ - الأمر بتقوى الولي الودود.. أتبعه بالنهي عن الالتفات نحو العدو والحسود، فقال: ﴿وَلَا تُطِعِ﴾؛ أي: لا توافق ﴿الْكَافِرِينَ﴾؛ أي: المجاهرين للكفر كأهل مكة، ﴿وَالْمُنَافِقِينَ﴾؛ أي: المظهرين للإسلام، المضمرين للكفر، كأهل المدينة فيما طلبوا منك، ولا تساعدهم على شيءٍ، واحترس منهم، فإنهم أعداء الله والمؤمنين.
روي (٢): أن أبا سفيان وعكرمة بن أبي جعل وأبا الأعور عمر بن سفيان
(٢) النسفي.