حكم الميراث والحرمة والنسب؛ أي (١): ما جعل الدعوة والنبوة في رجلٍ واحدٍ؛ لأن الدعوة عرض، والبنوة: أصل في النسب، ولا يجتمعان في الشيء، وهذا أيضًا ردّ لما كانوا يزعمون، من أن دعي الرجل ابنه، فيجعلون له من الميراث مثل نصيب الذكر من أولادهم، ويحرمون نكاح زوجته إذا طلقها أو مات عنها.
والمعنى (٢): أي ولم يجعل الله من أدعى أحدكم أنه ابنه، وهو ابن غيره ابنًا له بدعواه فحسب، وفي هذا إبطال لما كان في الجاهلية وصدر الإِسلام، من أنه إذا تبنى الرجل ابن غيره.. أجريت عليه أحكام الابن النسبي، وقد تبنى رسول الله - ﷺ - قبل البعثة زيد بن حارثة، والخطَّاب عامر بن ربيعة، وأبو حذيفة سالمًا.
ويجوز أن يكون نفي القلبين لتمهيد أصل يحمل عليه نفي الأمومة عن المظاهر منها، والبنوة عن المتبنى، كما مر.
والمعنى (٣): لما لم يجعل الله قلبين في جوف واحدٍ لأدائه إلى التناقض، وهو أن يكون كل منهما أصلًا لكل القوى، وغير أصلٍ، كذلك لم يجعل الله الزوجة أمًا، والدعي ابنًا لأحدٍ، يعني كون المظاهر منها أمًا، وكون الدعي ابنًا؛ أي: بمنزلة الأم والابن في الآثار والأحكام المعهودة بينهم في الاستحالة، بمنزلة اجتماع قلبين في جوف واحد.
وفيه إشارة إلى أن في القرابة النسبية خواص لا توجد في القرابة السببية، فلا سبيل لأحد أن يضع في الأزواج بالظهار وما وضع الله في الأمهات، ولا أن يضع في الأجانب بالتبني ما وضع الله في الأبناء، فإن الولد سر أبيه، فما لم يجعل الله فليس في مقدور أحد أن يجعله.
﴿ذَلِكُمْ﴾ المذكور (٤) من قولكم للزوجة: أنت علي كظهر أمي، أو للدعي

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.
(٤) النسفي.


الصفحة التالية
Icon