فيكون مريدًا للشيء كارهًا له، وظانًا له موقنًا به في حال واحدة، وهذا لن يكون.
٢ - أنه لم ير أن تكون المرأة أمًا لرجل وزوجًا له، لأن الأم مخدومة مخفوض لها الجناح، والمرأة مستخدمة في المصالح الزوجية على وجوه شتى.
٣ - لم يشأ في حكمته أن يكون الرجل الواحد دعيًا لرجل وابنًا له؛ لأن البنوة نسب أصيل عريق، والدعوة إلصاق عارض بالتسمية، لا غير، ولا يجتمع في الشيء الواحد أن يكون أصيلًا وغير أصيلٍ.
٥ - ولما ذكر أنه يقول الحق.. فصل هذا الحق بقوله: ﴿ادْعُوهُمْ﴾؛ أي: أنسبوا أدعياءكم الذين ألحقتم أنسابهم بكم ﴿لِآبَائِهِمْ﴾؛ أي: إلى آبائهم الذين ولدوهم، فقولوا: زيد بن حارثة، ولا تقولوا: زيد بن محمد، وكذا غيره ﴿هُوَ﴾؛ أي: الدعاء لآبائهم، فالضمير (١) لمصدر ﴿دعوا﴾، كما في قوله: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾، ﴿أَقْسَطُ﴾ وأعدل ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ سبحانه، وأصوب في حكمه من دعائكم إياهم لغير آبائهم، وأقسط أفعل تفضيل، قصد به الزيادة المطلقة.
والمعنى: بالغ في العدل والصدق، وهذه الجملة معللة لما قبلها.
وفي "كشف الأسرار": هو أعدل وأصدق من دعائهم إياهم لغير آبائهم.
﴿فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا﴾ أنتم أيها الناس، ولم تعرفوا آباء أدعيائكم من هم، حتى تنسبوهم إليهم، وتلحقوهم بهم ﴿فَـ﴾ هم ﴿إِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ إن كانوا قد دخلوا في دينكم ﴿وَمَوَالِيكُمْ﴾ إن كانوا محررين؛ أي: قولوا: هو مولى فلان، ولهذا قيل لسالم بعد نزول الآية: مولى حذيفة، وكان قد تبناه من قبل، قال الزجاج: ويجوز (٢) أن يكون ﴿مواليكم﴾ أولياؤكم في الدين، وقيل المعنى: فإن كانوا محررين، ولم يكونوا أحرارًا.. فقولوا: موالي فلان.
(٢) الشوكاني.