ذكرت، إنما البضع ما بين الثلاثة إلى التسع، فزايده في الخطر، ومادده في الأجل" فخرج أبو بكر، فلقي أبيًا، فقال: لعلك ندمت، فقال: فتعال أزايدك في الخطر، وأماددك في الأجل، فاجعلها مئة قلوص، ومئة قلوص إلى تسع سنين، فقال: قد فعلت، فلما خشي أبيّ بن خلف أن يخرج أبو بكر من مكة.. أتاه ولزمه وقال: إني أخاف أن تخرج من مكة، فأقم لي ضامنًا كفيلًا، فكفله ابنه عبد الله بن أبي بكر، فلما أراد أبيّ بن خلف أن يخرج إلى أحد. أتاه عبد الله بن أبي بكر فلزمه، وقال: والله لا أدعك حتى تعطيني كفيلًا، فأعطاه كفيلًا ثم خرج إلى أحد، قال: ثم حين رجع أبي بن خلف إلى مكة، ومات بها من جراحته التي جرحه النبي - ﷺ - حين بارزه، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية، وذلك على رأس سبع سنين من مناحبتهم، وقيل: كان يوم بدر، وربطت الروم خيولهم بالمدائن، وبنوا بالعراق مدينةً، وسموها روميةً، فقمر أبو بكر، وأخذ مال الخطر من ورثته، وجاء به للنبي - ﷺ -، وذلك قبل أن يحرم القمار، فقال النبي - ﷺ -: "تصدق به".
وكان سبب غلبة الروم فارسًا، على ما قاله عكرمة وغيره: أن شهرمان لما غلب الروم.. لم يزل يطؤهم، ويخرب مدائنهم، حتى بلغ الخليج، فبينا أخوه فرحان جالس ذات يوم يشرب، قال لأصحابه: لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى، فبلغت كلمته كسرى، فكتب إلى شهرمان: إذا أتاك كتابي.. فأبعث إليّ برأس أخيك فرحان، فكتب إليه: أيها الملك إنك لا تجد مثل فرحان، إن له نكاية وصولة في العدو فلا تفعل، فكتب إليه إن في رجال فارس خلفًا عنه، فعجل إليّ برأسه، فراجعه فغضب كسرى ولم يجبه، وبعث بريدًا إلى أهل فارس: أني قد عزلت عنكم شهرمان، واستعملت عليكم فرحان، ثم بعث مع البريد صحيفةً صغيرةً، وأمره فيها بقتل شهرمان، وقال: إذا ولي فرحان الملك، وانقاد له أخوه.. فأعطه الصحيفة، فلما وصل البريد إلى شهرمان.. عرض عليه كتاب كسرى، فلما قرأه قال: سمعًا وطاعةً، ونزل عن سرير الملك، وأجلس عليه أخاه فرحان، فدفع البريد الصحيفة إلى فرحان، فلما قرأها.. استدعى بأخيه شهرمان، وقدمه ليضرب عنقه، فقال له: لا تعجل حتى أكتب وصيتي، قال: نعم، فدعا


الصفحة التالية
Icon