الآيات لما قبلها: أن الله (١) سبحانه وتعالى لما بيَّن أنَّ له الحمد في الآخرة على ما أسدى إلى عباده من النعم.. أردف ذلك ببيان أنَّ كثيرًا منهم ينكرها أشد الإنكار، ويستهزء بمن يثبتها ويعتقد أنها ستكون، وقد بلغ من تهكمهم أنهم يستعجلون مجيئها ظنًا منهم أنَّ هذه خيالات، بل أضغاث أحلام. وقد ذكر أنَّ مجيئها ضربة لا زب، لتجزى كل نفس بما تسعى من خير أو شر، ثم أعقب هذا ببيان أنَّ الناس فريقان: مؤمن بآيات ربه، يرى أنها الحق، وأنها تهدي إلى الصراط المستقيم، ومعاند جاحد بها، يسعى في إبطالها، ومآل أمره العذاب الأليم على ما دسَّ به نفسه من قبيح الخلال.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله - سبحانه وتعالى - لمَّا (٢) بين أنهم أنكروا الساعة، ورد عليهم ما قالوا، وأكده كل التأكيد، ثم ذكر ما يكون إذ ذاك من جزاء المؤمن بالثواب العظيم على ما عمل من صالح الأعمال، وجزاء الساعي في تكذيب الآيات بالتعذيب في الجحيم على ما دسَّ به نفسه من اجتراح المعاصي، وفاسد المعتقدات.. أردف ذلك بذكر مقال للكافرين ذكروه تهكمًا واستهزاءً، ثم ذكر الدليل على صحة البعث بخلق السموات والأرض، ثم توعدهم على تكذيبهم بأشد الوعيد لعلهم يرجعون عن عنادهم، ويثوبون إلى رشادهم.
قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا...﴾ الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر أنَّ في خلق السموات والأرض آية لكل من أناب إلى الله تعالى ورجع إليه.. أردف ذلك بذكر بعض من أنابوا إلى ربهم، فأنعم عليهم بما آتاهم من الفضل المبين، ومن جملتهم: داود عليه السلام، فقد جمع الله له النبوة والملك والجنود ذوي العَدد والعُدد، ومنحه الصوت الرخيم، فكان إذا سبح تسبح معه الجبال الراسيات، وتقف له الطيور الراسيات، وعلمه سرد الدروع؛ لتكون عدة للمقاتلين، درءًا للمجاهدين.
قوله تعالى: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ...﴾ الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر ما منَّ به على داود من النبوة والملك..
(٢) المراغي.