فلما مات سليمان.. جاء إفريدون ليصعد الكرسي، ولم يدر كيف يصعد، فلما دنا منه ضربه الأسد على ساقه فكسر ساقه، ولم يجسر أحد بعده أن يدنو من ذلك الكرسي.
واعلم (١): أن حرمة التصاوير شرع جديد، وكان اتخاذ الصور قبل هذه الأمة مباحًا، كما يدل عليه قوله - ﷺ -: "إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك الصور"؛ أي: ليذكروا عبادتهم، فيجتهدوا في العبادة، وإنما حرِّم على هذه الأمة؛ لأن قوم رسولنا - ﷺ - كانوا يعبدون التماثيل؛ أي: الأصنام، فنهي عن الاشتغال بالتصوير، وأبغض الأشياء إلى الخواص ما عصي الله به.
وفي الحديث: "من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبدًا"، وهذا يدل على أن تصوير ذي الروح حرام. قال بعضهم: هل هو كبيرة أو لا؟ فيه خلاف: فعند من جعل الكبيرة عبارة عما ورد الوعيد عليه من الشرع.. فهو كبيرة، وأما من جعل الكبيرة منحصرة في عدد محصور: فهذا ليس من جملته، فيكون الحديث محمولًا على المستحل، أو على استحقاق العذاب المؤبد، وأما تصوير ما لا روح له: فرخص فيه، وإن كان مكروهًا من حيث إنه اشتغال بما لا يعني.
﴿و﴾ يعملون له ما يشاء من ﴿جِفَانٍ﴾ وقصاع عظيمة كائنة ﴿كَالْجَوَابِ﴾ والحياض الكبار، جمع: جفنة، وهي القصعة الكبيرة التي تشبع عددًا كثيرًا. قيل: يجتمع على جفنة واحدة ألف رجل، فيأكلون منها، وكان لمطبخه كل يوم اثنا عشر ألف شاة، وألف بقرة، وكان له اثنا عشر ألف خبَّاز، واثنا عشر ألف طبَّاخ، يصلحون الطعان في تلك الجفان لكثرة القوم. قال في "الشرعة": ولا بركة في القصاع الصغار، ولتكن قصعة الطعام من خزف أو خشب، فإنهما أقرب إلى التواضع، ويحرم الأكل في الذهب والفضة، وكذا الشرب منهما. والجوابي: جمع جابية، وهو الحوض الكبير الذي يجبى؛ أي: يجمع فيه الماء للإبل.