بالنعم، ويعرض عن المنعم.
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (١): أن الله سبحانه لما حكى ما أوتوا من النعم في مساكنهم، ثم كفرانهم بها، وما جوزوا به من الخراب والدمار.. قص علينا ما أعطوه من النعم في مسايرهم ومتاجرهم، ثم جحودهم بها، ثم ما حاق بهم بسبب ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (٢) قصص سبأ، وما كان من أمرهم من اتباع الهوى والشيطان.. أردف ذلك الإخبار بأنهم صدقوا ظن إبليس فيهم، وفي أمثالهم ممن ركنوا إلى الغواية والضلال؛ إذ تسلط عليهم، وانقادوا إلى وسوسته، وبذا امتازوا من فريق المؤمنين الذين لا سلطان للشيطان عليهم، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾.
قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر ما آتاه الشاكرين من أوليائه كداود وسليمان من النعم التي لا حصر لها، وما فعله بسبأ حين بطروا النعمة، وكذبوا الرسل.. أعقب ذلك بأمر رسوله - ﷺ - أن يقول للمشركين من قوم تهكمًا بهم وتعجبًا من حالهم: ادعوا آلهتكم الذين زعمتموهم شركاء لله، فسلوهم أن يفعلوا بكم بعض أفعالنا بمن وصفنا أمرهم من إنعام أو انتقام، فإن لم يستطيعوا ذلك.. فاعلموا أنهم مبطلون.
ثم ذكر أن شأن المعبود أن يكون نافعًا للعباد، يخشى بطشه وسطوته، وهؤلاء ليس لهم شيء من ذلك؛ إذ لا تصرف لهم في شيء في السموات والأرض، لا استقلالًا، ولا شركةً، ولا هم معينون للخالق، ولا تنفع شفاعتهم لديه، فكيف تتقربون إليهم وتعبدونهم رجاء نفعهم بعد الذي علمتم من أمرهم؟!
قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه بعد أن سلب عن شركائهم ملك شيء من الأكوان، وأثبت أن ذلك له وحده.. أمر نبيه أن يجعلهم يقرون بتفرده بالخلق
(٢) المراغي.