الجنتين المذكورتين لهم جنتين أخريين.
﴿ذَوَاتَيْ﴾: صفة لـ ﴿جَنَّتَيْنِ﴾؛ أي: صاحبتي ﴿أُكُلٍ﴾ وثمر ﴿خَمْطٍ﴾؛ أي: مرّ، ويقال في الرفع: ذواتا بالألف، وهي تثنية: ذات، مؤنث: ذي، بمعنى: الصاحب، والأكل - بضم الكاف وسكونه - اسم لما يؤكل والخمط: كل نبت أخذ طعمًا من مرارة حتى لا يمكن أكله.
والمعنى: أهلكنا جنتيهم اللتين كانتا مشتملتين على تلك الفواكه الطيبة، والأنواع الحسنة، وأعطيناهم بدلهما جنتين صاحبتين ثمر مرٍّ.
وقرأ الجمهور بتنوين (١): ﴿أُكُلٍ﴾ وعدم إضافته إلى ﴿خَمْطٍ﴾. وقرأ أبو عمرو: ﴿أُكُلٍ﴾ ﴿خَمْطٍ﴾ بالإضافة؛ أي: ثمر خمط على أن يكون الخمط كل شجر مر الثمر، أو كل شجر له شوك، أو هو الأراك على ما قاله البخاري. والأكل: ثمره. وقراءة الجمهور أولى من قراءة أبي عمرو، والخمط على قراءتهم نعت لـ ﴿أُكُلٍ﴾، أو بدل منه؛ لأن الأكل هو الخمط بعينه. وقال الأخفش: الإضافة أحسن في كلام العرب، مثل: ثوب خز، ودار آجر.
﴿و﴾ جنتين ذواتي ﴿أَثْلٍ﴾ لا على ﴿خَمْطٍ﴾؛ فإن الأصل هو الطرفاء، أو شجر يشبهه أعظم منه طولًا، ولا ثمر له، الواحدة: أثلة، والجمع أثلاث، وقوله: ﴿وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ معطوف أيضًا على أكل؛ أي: وذواتي شيء قليل من سدر. وقرىء: ﴿أثلًا﴾ و ﴿شيئًا﴾ بالنصب، حكاه الفضل بن إبراهيم عطفًا على ﴿جَنَّتَيْنِ﴾. ذكره أبو حيان.
قال البيضاوي (٢): وصف السدر بالقلة لما أن جناه وهو النبق مما يطيب أكله، ولذلك يغرس في البساتين. انتهى. فالسد: شجر النبق على ما في "القاموس". وقال أبو السعود: والصحيح أن السدر صنفان: صنف يؤكل من ثمره، وينتفع بورقه لغسل اليد، وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل أصلًا، وهو البري الذي يقال له: الضال. والمراد هاهنا هو الثاني، فكان شجرهم من خير الشجر، فصيره الله من شر الشجر بسبب أعمالهم القبيحة. انتهى.

(١) البحر المحيط.
(٢) البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon