مما يوجب قدرته على أن يزيد كل ما يشاؤه إيجابًا بينًا، ومن الأشياء الإنقاذ من الشهوات، والإخراج من الغفلات، والإدخال في دائرة العلم والشهود الذي هو من باب الزيادات، فمن استعجز القدرة الإلهية فقد كفر. والمعنى: فيزيد كل ما هو أهل للزيادة، وما هو مستعد لها حسية كانت أو معنوية، فلا يمنع عليه فعل شيء أراد لما له من القدرة والسلطان على كل شيء.
٢ - و ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ﴾ شرطية في محل النصب بـ ﴿يَفْتَحِ﴾؛ أي: أيُّ شيء يفتح الله سبحانه ﴿لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ﴾؛ أي: من خزائن رحمته، أية رحمة كانت من نعمة وصحة وعلم وحكمة ورزق ومطر إلى غير ذلك ﴿فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾؛ أي: لتلك الرحمة؛ أي: لا أحد من المخلوقات يقدر على إمساك تلك الرحمة، وحبسها عمن فتحت له، فإنه لا مانع لما أعطاه. وفي "الإرشاد": عبر عن إرسالها بالفتح إيذانًا بأنها أنفس الخزائن، وأعزها منالًا، وتنكيرها للإشاعة والإبهام. قيل: الفتح ضربان (١):
الأول: فتح إلهي، وهو النصرة بالوصول إلى العلوم والهدايات التي هي ذريعة إلى الثواب والمقامات المحمودة، ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)﴾، وقوله: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾.
والثاني: فتح دنيوي، وهو النصرة في الوصول إلى اللذات البدنية. وذلك قوله: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ﴾، وقوله: ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
﴿وَمَا يُمْسِكْ﴾؛ أي: وأيّ شيء يمسكه الله سبحانه من رحمته ويحبسه ويمنعه ﴿فَلَا مُرْسِلَ لَهُ﴾؛ أي: لا أحد من الموجودات يقدر على إرساله وإعطائه، فإنه لا معطي لما منعه، فهو سبحانه المعطي المانع، القابض الباسط، لا معطي سواه، ولا منعم غيره، واختلاف الضميرين بالتأنيث في الأول، والتذكير في الثاني لما أن مرجع الأول مفسر بالرحمة، ومرجع الثاني مطلق في كل ما يمسكه من رحمته وغضبه. ففي التفسير الأول وتقييده بالرحمة إيذان بأن رحمته سبقت غضبه؛ أي: