رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} شبه فيه إرسال النعم بفتح الخزائن للإعطاء، واستعير الفتح للإرسال لكونه - أي: الفتح - سببًا للإرسال، واشتق منه: يفتح بمعنى: يرسل على طريقة الاستعارة التصريحيهَ التبعية، وكذلك في قوله: ﴿وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ شبه حبس النعم بالإمساك لكونه سببه، فاستعير الإمساك للمنع.
ومنها: التعبير عن الإرسال بالفتح إيذانًا بانها أنفس الخزائن وأعزها منالًا، كأنما هي أبواب مؤصدة لا يفتح مغالقها إلا الله سبحانه من صنوف النعم وضروب الآلاء، كالرزق والمطر والصحة والأمن في الأوطان، وغير ذلك مما لا يحصى عدده.
ومنها: تنكير ﴿مِنْ رَحْمَةٍ﴾ إفادة للإشاعة والإيهام لتندرج في مطاويها ضروب النعم، كما تقدم؛ أي: أي شيء يفتح الله من خزائن رحمته أي رحمة كانت من نعمة وصحة وعلم وحكمة.
ومنها: الطباق بين ﴿يَفْتَحِ﴾ و ﴿يمُسِك﴾، وكذلك بين ﴿يُضِلُّ﴾ ﴿وَيَهْدِي﴾، وبين ﴿تَحْمِلُ﴾ و ﴿تَضَعُ﴾.
ومنها: الجناس المماثل بين ﴿يُكَذِّبُوكَ﴾ و ﴿كُذِّبَتْ﴾.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾.
ومنها: المقابلة بين جزاء الأبرار والفجار في قوله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ لأنها من المحسنات البديعية اللفظية.
ومنها: حذف الخبر لدلالة السياق عليه في قوله: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ حذف منه الخبر؛ أي: كمن لم يزين له سوء عمله، ودل على هذا المحذوف قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ...﴾ الخ.
ومنها: الكناية في قوله: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾؛ لأن ذهاب النفس كناية عن موتها؛ لأن النفس إذا ذهبت هلك الإنسان.
ومنها: المجاز العقلي في قوله: ﴿فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ لما فيه من الإسناد إلى السبب، والمثير حقيقة هو الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon