الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (١) أن الذين يتلون كتاب الله يوفيهم أجرهم، أكد هذا وقرره بأن هذا الكتاب حق وصدق، وهو مصدق لما بين يديه من الكتب، فتاليه مستحق لهذا الأجر والثواب، ثم قسم هؤلاء الذين أورثوا الكتاب أقسامًا ثلاثة، ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات، ثم ذكر جزاء هؤلاء السابقين، وأنهم يدخلون جنات تجري من تحتها الأنهار، وأنهم يحلون فيها أساور الذهب واللؤلؤ ويلبسون الحرير، ويقولون حينئذ: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، إن ربنا لغفور شكور، ويقولون: إنه أحلنا دارًا لا نصب فيها ولا تعب.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (٢): ما أخرجه عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهم أن حصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي نزل فيه ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ...﴾ الآية.
قوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه البيهقي في البعث وابن أبي حاتم من طريق نفيع بن الحارث عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رجل للنبي - ﷺ -: يا رسول الله، إن النوم مما يقر الله به أعيننا في الدنيا، فهل في الجنة من نوم، قال: "إن النوم شريك الموت، وليس في الجنة موت"، قال: فما راحتهم؟ فأعظم ذلك رسول الله - ﷺ -، وقال: "ليس فيها لغوب، كل أمرهم راحة" فنزلت: ﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١٥ - ثم ذكر سبحانه افتقار خلقه إليه ومزيد حاجتهم إلى فضله، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ الخطاب فيه عام لا خصوص أهل مكة، كما هو الغالب في الآيات المكية، أو خاص بهم؛ لأن الموضوع فيهم، ﴿أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾؛ أي: المحتاجون ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ سبحانه الاحتياج (٣) الكثير الشديد في أنفسكم، وفيما يعرض لكم من أمر مهم، أو
(٢) لباب النقول.
(٣) روح البيان