أي (١): القوم وآباؤهم الأقربون، ﴿غَافِلُونَ﴾ عن أمر الآخرة، جاحدون لها، إن قلنا: إن ﴿مَا﴾ نافية، أو فهؤلاء القوم غافلون عما أنذر به آباؤهم الأقدمون لامتداد المدرة إن قلنا إن ﴿مَا﴾ موصولة، أو موصوفة.
وعبارة "الشوكاني" قوله: ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ (٢) متعلق بنفي الإنذار على الوجه الأول؛ أي: لم ينذر آباؤهم فهم بسبب ذلك غافلون، وعلى الأوجه الأخيرة متعلق بقوله ﴿لِتُنْذِرَ﴾؛ أي: فهم غافلون عما أنذرنا به آباءهم، وقد ذهب أكثر أهل التفسير إلى أن المعنى على النفي، وهو الظاهر من النظم لترتيب فهم غافلون على ما قبله.
وعبارة "الروح": قوله: ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ متعلّق (٣) بنفي الإنذار مترتب عليه، والضمير للفريقين: القوم والآباء؛ أي: لم ينذر آباؤهم فهم جميعًا لأجله غافلون عن الإيمان والرشد، وحجج التوحيد وأدلة البعث، والفاء داخلة على الحكم المسبَّب عما قبله، فالنفي المتقدِّم سبب له؛ يعني: أن عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم، ويجوز أن يكون متعلقًا بقوله: ﴿لِتُنْذِرَ﴾ ردًا لتعليل إنذاره، فالضمير للقوم خاصة؛ أي: فهم غافلون عما أنذر به آباؤهم الأقدمون؛ لامتداد المدة، فالفاء داخلة على سبب الحكم المتقدم.
والمعنى (٤): أي إنا أرسلناك لتنذر العرب الذين لم يأتهم نذير من قبلك، فهم في غفلة عن معرفة الشرائع التي فيها سعادة البشر، وإصلاح المجتمع، وذكرهم وحدهم هنا؛ لأن الخطاب كان معهم، وهذا لا يمنع أنه مرسل إلى الناس كافة، كما قال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾،
٧ - واللام في قوله: ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ﴾؛ أي: موطئة للقسم؛ أي: لقد حقت كلمة العذاب العاجل ووجبت ﴿عَلَى أَكْثَرِهِمْ﴾؛ أي: على أكثر أهل مكة، كأبي جهل وأصحابه، ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾؛ أي: في علم الله تعالى، وقتلوا يوم بدر على الكفر؛ أي: وعزتي وجلالي، لقد وجب وثبت قضاؤنا بالعذاب على أكثر أهل مكة، أو أكثر الكفار

(١) المراح.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.


الصفحة التالية
Icon