المذكورة كالإنشاء والإحياء، وأن إرادته لا تتخلف عن مراده ونحو ذلك، وأردتم بيان ما هو اللازم لكم.. فأقول لكم: نزهوا الإله ﴿الَّذِي بِيَدِهِ﴾؛ أي: تحت يده وقبضته ﴿مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾؛ أي: ملك كل شيء، وضبطه وتصرفه عما وصفوه تعالى به من العجز، وتعجبوا مما قالوه في شأنه تعالى من النقصان. ونزهوا الذي ﴿إِلَيْهِ﴾ لا إلى غيره. إذ لا مالك سواه على الإطلاق ﴿تُرْجَعُونَ﴾؛ أي: تردون بعد الموت فيجازيكم بأعمالكم. وهو وعد للمقرين، ووعيد للمنكرين؛ لأن الخطاب عام للمؤمنين والكافرين.
وقرأ الجمهور: ﴿مَلَكُوتُ﴾. وقرأ الأعمش، وطلحة بن مصرف، وإبراهيم التيمي ﴿ملكة﴾ بزنة شجرة. وقرىء ﴿مملكة﴾ بزنة مفعلة. وقرىء ﴿ملك﴾. والملكوت أبلغ من الجميع. وقرأ الجمهور: ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ بالفوقية على الخطاب مبنيًا للمفعول. وقرأ السلمي، وزر بن حبيش، وأصحاب بن مسعود بالتحية على الغيبة مبنيًا للمفعول أيضًا. وقرأ زيد بن علي على البناء للفاعل.
الإعراب
﴿إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦)﴾.
﴿إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ﴾: ناصب واسمه ومضاف إليه، ﴿الْيَوْمَ﴾: ظرف متعلق بمحذوف حال من ﴿أَصْحابَ الْجَنَّةِ﴾، ﴿فِي شُغُلٍ﴾: خبر ﴿إن﴾ الثاني، ﴿فاكِهُونَ﴾: خبرها الأول. ويجوز العكس. ويجوز أن يتعلق ﴿فِي شُغُلٍ﴾ بـ ﴿فاكِهُونَ﴾ أو في محل نصب على الحال. وجملة ﴿إِنَّ﴾ مستأنفة، مسوقة لبيان أحوال الجنة، وتقريرها، إغاظة للكفار وتقريعًا وزيادة في ندامتهم وحسرتهم. ﴿هُمْ﴾: مبتدأ، ﴿وَأَزْواجُهُمْ﴾: معطوف على هم، ﴿فِي ظِلالٍ﴾: خبر المبتدأ؛ أي: لا تصيبهم الشمس لانعدامها بالكلية. ﴿عَلَى الْأَرائِكِ﴾: متعلق بـ ﴿مُتَّكِؤُنَ﴾، و ﴿مُتَّكِؤُنَ﴾، خبر ثان لـ ﴿هم﴾. ويجوز أن يكون ﴿فِي ظِلالٍ﴾: حالًا من المبتدأ على رأي سيبويه. والجملة الاسمية مستأنفة، استئنافًا بيانيًا، مسوقة لبيان كيفية شغلهم.