السورة بإثبات وجود الخالق ووحدانيته وعلمه وقدرته بذكر خلق السموات والأرض وما بينهما، وخلق المشارق والمغارب، وهنا أثبت الحشر، والنشر، وقيام الساعة، ببيان أن من خلق هذه العوالم، التي هي أصعب في الخلق منكم، فهو قادر على إعادة الحياة فيكم بالأولى، كما جاء في السورة السابقة: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾، وجاء في قوله: ﴿لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (١) فيما سلف إنكارهم للبعث في الدنيا، وشديد إصرارهم على عدم حدوثه.. أردف هذا، ببيان أنهم يوم القيامة يرجعون على أنفسهم بالملامة، إذا عاينوا أهوال هذا اليوم، ويعترفون بأنهم كانوا في ضلال مبين، ويندمون على ما فرّطوا في جنب الله سبحانه وتعالى.
قوله تعالى: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين فيما سلف، أن الكافرين يندمون يوم القيامة، على ما فرط منهم، من العناد والتكذيب للبعث، حيث لا يجدي الندم.. أردف هذا بذكر أنهم يتلاومون فيما بينهم حينئذ، ويتخاصم الأتباع والرؤساء، فيلقي الأولون تبعة ضلالهم على الآخرين، فيجيبونهم بأن التبعة عليكم أنفسكم دوننا، إذ كنتم قوما ضالين بطبيعة حالكم، وما ألزمناكم بشيء مما كنتم تعبدون، أو تعتقدون، بل تمنينا لكم من الخير ما تمنينا لأنفسنا، فاتبعتمونا دون قسر ولا جبر منا لكم. ثم أعقبه بذكر ما أوقعهم في هذا الذل والهوان، فبين أنهم قد كانوا في الدنيا إذا سمعوا كلمة التوحيد، أعرضوا عنها استكبارًا، وقالوا: أنترك دين آبائنا اتباعًا لقول شاعر مجنون. ثم رد عليهم مقالهم بأنه ليس بالمجنون، ولا هو بالشاعر، بل جاء بما هو الحق، الذي لا محيص عن تصديقه، وهو التوحيد الذي جاء به المرسلون كافة.