إذا دام. وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن الواصب الدائم. وقال السدي، وأبو صالح، والكلبي: هو الموجع الذي يصل وجعه إلى القلب.
١٠ - وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ﴾ استثناء (١) من واو ﴿يسمعون﴾، و ﴿مَنْ﴾ بدل من الواو. والخطف: اختلاس كلام الملائكة مسارقة كما يعرب عنه تعريف الخطفة؛ أي: لا يسمع جماعة الشياطين إلى الملأ الأعلى، إلا الشيطان الذي خطف؛ أي: اختلس الخطفة؛ أي: المرة الواحدة. يعني: كلمة واحدة من كلام الملائكة. ﴿فَأَتْبَعَهُ﴾؛ أي: أتبع ذلك المختلس، ولحقه ﴿شِهابٌ﴾؛ أي: شعلة نار ساطعة، والمراد هنا: ما يرى منقضا من السماء. ﴿ثاقِبٌ﴾؛ أي: مضيء غاية الإضاءة، يثقب بإضاءته ونوره ما يقع عليه؛ أي: كأنه يثقب الجو بضوئه يرجم به الشياطين إذا صعدوا لاستراق السمع.
والمعنى (٢): لا يسمع الشياطين إلا الشيطان الذي اختلس الكلمة الواحدة، من كلام الملائكة على وجه المسارقة، فلحقه شهاب
مضيء يحرقه، أو يخبله أو يجرحه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله - ﷺ - جالس في نفر من أصحابه، إذ رمي بنجم فاستنار، فقال عليه الصلاة والسلام: «ما كنتم تقولون لمثل هذا في الجاهلية»؟ فقالوا: يموت عظيم أو يولد عظيم، فقال: «إنه لا يرمى لموت أحد، ولا لحياته، ولكن الله إذا قضى أمرًا، يسبحه حملة العرش وأهل السماء السابعة يقولون؛ أي: - أهل السماء السابعة لحملة العرش -: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم، فيستخبر أهل كل سماء أهل سماء، حتى ينتهي الخبر إلى السماء الدنيا، فيتخطف الجن فيرمون، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يزيدون فيه ويكذبون، فما ظهر صدقه فهو من قسم ما سمع من الملائكة، وما ظهر كذبه فهو من قسم ما قالوه». قيل: كان ذلك في الجاهلية أيضًا، لكن غُلِّظ المنع، وشُدد حين بعث النبي - ﷺ -.
قيل: هيئة استراقهم، أن الشياطين يركب بعضهم بعضًا إلى السماء الدنيا،

(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon