وهم أنبياؤه، وأولياؤه الذين أنعم عليهم من الصديقين والشهداء والصالحين.
والخلاصة: أن الدنيا بيت فرشه الأرض، وسقفه السماء، وسراجه الكواكب، والبيوت الرفيعة العماد العظيمة البناء، كما تزين بالأنوار تزين بالنقوش التي تكسبها لألاء وبهجة في عيون الناظرين، ولكن لن يصل إلى إدراك تلك المحاسن إلا الملائكة الصافون، والأنبياء، والعلماء المخلصون. أما الجهال، والشياطين المتمردون من الجن والإنس فأولئك عن معرفة محاسنها غافلون. فلقد يعيش المرء منهم، ويموت وهو لاه عن درك هذا الجمال. إذ لا ينال العلم إلا عاشقوه، وقد تبدو لهم أحيانًا بارقة من محاسن هذا الجمال، فتخطف بصائرهم كالشهاب الثاقب، فيخطفون منها خطفة يتبعها قبس من ذلك النور يضيء قلوبهم، وينير ألبابهم. فيكونون ممن كتب الله لهم السعادة، وقيّض لهم التوفيق والهداية، وممن اصطفاهم ربهم برضوانه والفوز بنعيمه. وقد نحونا بهذا التفسير نحوًا آخر يخالف ما في كثير من التفاسير، إذ أنهم قالوا: إن خطف الخطفة كان من الشيطان حين أراد أن يسترق السمع ويأخذ أخبار السماء، فأتبعه شهاب ثاقب فأحرقه ولم يستطع أخذ شيء منها، وعصم الله وحيه وكتابه، اهـ.
١١ - قوله: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ﴾ خطاب للنبي - ﷺ -، والضمير لمشركي مكة المنكرين للبعث. والمراد (١) بالاستفتاء هنا: الاستخبار كما في قوله تعالى في قصة أهل الكهف: ﴿وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾، وليس المراد سؤال الاستفهام بل التوبيخ. والمعنى: فاستخبر يا محمد مشركي مكة، توبيخًا لهم، واسألهم سؤال محاجة ﴿أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا﴾ وأقوى أجسامًا، وأعظم أعضاء، وأحكم خلقة، وأمتن بنية، أو أصعب على الخالق خلقًا، أو أشق إيجادًا ﴿أَمْ مَنْ﴾؛ أي: أم الذي ﴿خلقنا﴾ هم من السموات والأرض وما بينهما من الملائكة، والمشارق، والمغارب، والكواكب، والشهب الثواقب، والشياطين المردة؛ أي: أأنتم أشد خلقًا من هؤلاء المذكورين، أم أشد منكم خلقًا. و ﴿مَنْ﴾ لتغليب العقلاء على