تقديره: أشد، فعلى أم من هو تقرير واحد، ونظيره: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّماءُ﴾. قيل: وقرىء ﴿لازم﴾ و ﴿لاتب﴾، ولا أدري من قرأ بذلك. واللاتب: الثابت. قال الأصمعي: واللاتب: اللاصق مثل: اللازب. وفي مصحف عبد الله: ﴿أم من عددنا﴾، وهو تفسير لمن خلقنا؛ أي: من عددنا من الصافات وما بعدها من المخلوقين.
ومعنى الآية (١): أي سل يا محمد هؤلاء المنكرين للبعث؛ أي أصعب إيجادًا أهم أم السموات والأرض وما بينهما من الملائكة والمخلوقات العظيمة؟. والسؤال للتوبيخ والتبكيت، فإنهم يقرون أن هذه المخلوقات أشد منهم خلقًا؛ أي: وإذًا فكيف ينكرون البعث وهم يشاهدون ما هو أعظم مما أنكروا؟ فأين هم بالنسبة لهذه العوالم التي خلقناها؟. ثم زاد الأمر بيانًا، وأوضح هذا التفاوت، فقال: ﴿إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ﴾؛ أي: إنا خلقنا أباهم آدم من طين رخو ملتصق بعضه ببعض. وفي هذا شهادة عليهم بالضعف، والرخاوة دون الصلابة والقوة، فأين هم من كواكب السماء وعالم الملائكة، وتلك العوالم المشرقة، وإذا قدرنا أن نخلق تلك العوالم العظيمة، فهل يعجزنا أن نعيد ما هو مخلوق من طين، لا يصلح للحياة إلا بإشراق الأنوار عليه، ووصول الآثار من العوالم الأخرى إليه.
١٢ - ثم أضرب سبحانه عن الكلام السابق، إلى خطاب الرسول - ﷺ - بقوله: ﴿بَلْ عَجِبْتَ﴾ يا محمد من قدرة الله سبحانه ﴿وَ﴾ هم ﴿يَسْخَرُونَ﴾ منك بسبب تعجبك، أو ويسخرون منك بما تقوله، من إثبات المعاد. وفي «المفردات»: ﴿بَلْ عَجِبْتَ﴾ من إنكارهم البعث لشدة تحققك بمعرفته، ويسخرون بجهلهم. قال سعدي المفتي: وهذا إضراب عن الأمر بالاستفتاء؛ أي: لا تستفتهم فإنهم معاندون ومكابرون لا ينفع فيهم الاستفتاء، وانظر إلى تفاوت حالك وحالهم، أنت تعجب من قدرة الله تعالى، على خلق هذه الخلائق العظيمة، ومن قدرته

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon