بذلك على ألسنة الرسل، فكذبناهم، وسخرنا منهم، وأنكرنا صدق ما قالوا. ثم أقبل بعضهم على بعض يتناجون، ويقولون: ﴿هذا يَوْمُ الْفَصْلِ...﴾ إلخ؛ أي: هذا اليوم، هو اليوم الذي يمتاز فيه المحسن، بما قدم من عمل، عن المسيء الذي دسّى نفسه، بما ران على قلبه من الفسوق والعصيان، ومخالفة أوامر الملك الديّان، وينال كل منهما جزاء ما عمل، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. فيدخل الأول جنات النعيم على فرش بطائنها من استبرق، ويدخل الثاني في سقر ﴿وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨)﴾.
٢٢ - فيقول الله تعالى للملائكة: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أنفسهم بالشرك، واجمعوهم. والمراد بالظالمين: المشركين من بني آدم. ﴿وَأَزْواجَهُمْ﴾؛ أي: أشباههم من أهل الشرك، والكفر، والنفاق، والعصيان عابد الصنم مع عبدته، وعابد الكواكب مع عبدتها، واليهود مع اليهود، والنصارى مع النصارى، والمجوس مع المجوس، وغيرهم من أهل الملل المختلفة. ويجوز أن يكون المراد بالأزواج: نساءهم اللاتي على دينهم، أو قرناءهم من الشياطين، كل كافر مع شيطانه في سلسلة. ﴿وَما كانُوا يَعْبُدُونَ
٢٣ - مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى، من الأصنام والشياطين ونحوها، زيادة في تحسيرهم وتخجيلهم.
وهذا (١) العموم المستفاد من ﴿مَا﴾ الموصولة، فإنها عبارة عن المعبودين لا عن العابدين، كما قيل مخصوص لأن من طوائف الكفار من عبد المسيح، ومنهم من عبد الملائكة، فيخرجون بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١)﴾. ووجه حشر الأصنام مع كونها جمادات لا تعقل، هو زيادة التبكيت لعابديها، وتخجيلهم، وإظهار أنها لا تنفع ولا تضر. ﴿فَاهْدُوهُمْ﴾؛ أي: فاهدوا أيها الملائكة الظالمين وأزواجهم ومعبوديهم، وسوقوهم إِلى ﴿صِراطِ الْجَحِيمِ﴾ ودلوهم عليها؛ أي: عرّفوهم طريق جهنم، ووجهوهم إليها. وفي هذا تهكم بهم. ويقال: الظالم في الآية عام على من ظلم نفسه وغيره، فيحشر كل