تتميمًا للنعمة، كما هو حال العظماء في الدنيا، فيؤتى لهم بصنوف الخمور على سبيل السعة والكثرة، كأنها تؤخذ من نهر جار، فلا تقتير ولا بخل، بل كلما طلبوا وجدوا. وفي ذلك إشارة إلى أنها رقيقة لطيفة، وأنها ليست كخمر الدنيا تداس بالأقدام، كما قال شاعرهم:
وَشَمُولَةٍ مِنْ عَهْدِ عَادٍ قَدْ غَدَتْ | صَرْعَى تُدَاسُ بِأَرجُلِ العُصَّارِ |
لانَتْ لَهُم حَتَّى انْتَشَوا فَتمَكَّنَتْ | مِنْهُمْ فَصَاحَتْ فِيْهِمُ بِالثَّارِ |
والمعنى (٢): أي يطاف عليهم بكأس لونها مشرق حسن بهي، لا كخمر الدنيا ذات المنظر البشع واللون الأسود أو الأصفر أو الذي فيه كدورة إلى نحو ذلك مما ينفّر الطبع السليم. وهي لذيذة الطعم كما هي طيبة اللون وطيبة الريح. وقد وصفوا خمر الدنيا بالصفرة، كما قال أبو نواس:
صَفْرَاءُ لا تَنْزلُ الأَحْزَانُ سَاحَتَهَا | لَوْ مَسَّهَا حَجَرٌ مَسَّتْهُ سَرَّاءُ |
وَحَمْراءُ قَبْلَ الْمَزْجِ صَفْرَاءُ بَعْدَهُ | أَتَتْ فِيْ ثِيَابِيْ نَرْجِسٍ وَشَقَائِقِ |
حَكَتْ وَجْنَةً المَحْبُوبِ صِرفًا فَسُلِّطُّوا | عَليْهَا مَزاجًا فَاكتسبت لَوْن عَاشِق |
(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٢) المراغي.