فتاوى، بالفتح والكسر، والمراد بالاستفتاء هنا: الاستخبار، يقال: استفتى فلانًا إذا استخبره، وسأله من أمر يريد علمه.
﴿أَشَدُّ خَلْقًا﴾؛ أي: أصعب خلقًا، وأشد إيجادًا. ﴿مِنْ طِينٍ لازِبٍ﴾ قال في «المفردات»؛ اللازب: الثابت الشديد الثبوت، ويعبر باللازب عن الواجب، فيقال: ضربة لازب، اهـ. والباء بدل من الميم، والأصل لازم مثل: بكة ومكة، يقال: لزب يلزب لزوبا من باب دخل اشتد وثبت، ولزب به لصق، ولزب يلزب لزبًا من باب تعب، ولزب يلزب لزبًا ولزوبًا من باب كرم الطين لزق وصلب، ولزب الشيء دخل بعضه في بعض. واللازب اسم فاعل: الثابت، يقال: صار الأمر ضربة لازب؛ أي: صار لازمًا ثابتًا.
﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)﴾ والسخرية: الاستهزاء والعجب والتعجب حالة تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشيء، ولهذا قال بعض الحكماء: العجب: ما يعرف سببه، ولهذا قيل: لا يصح على الله التعجب. إذ هو علام الغيوب لا تخفى عليه خافية. ﴿يَسْتَسْخِرُونَ﴾ والسين والتاء للمبالغة والتأكيد؛ أي: يبالغون في السخرية والاستهزاء أو للطلب على أصله؛ أي: يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها.
قوله: ﴿أَإِذا مِتْنا﴾ إلخ، أصله: أنبعث إذا متنا. فبدّلوا الفعلية بالاسمية وقدّموا الظرف، وكرّروا الهمزة مبالغة في الإنكار وإشعارًا بأن البعث مستنكر في نفسه، وفي هذه الحالة أشد استنكارًا، اهـ «بيضاوي». ﴿نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ﴾؛ أي: صاغرون. وكلمة ﴿نَعَمْ﴾ بفتحتين: تقع في جواب الاستخبار المجرد من النفي، ورد الكلام الذي بعد حرف الاستفهام. والخطاب لهم ولآبائهم على التغليب. والدخور: أشد الصغار والذلة، يقال: دخر يدخر من باب فتح، ودخر يدخر من باب تعب دخرًا ودخورًا؛ أي: ذل وصغر، ويقال: أدخرته فدخر؛ أي: أذللته فذل.
﴿فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ﴾ والزجرة: الصيحة، من زجر الراعي غنمه، أو إبله إذا صاح عليها. وهي النفخة الثانية. ﴿يا وَيْلَنا﴾ قال الزجاج: الويل: كلمة يقولها