أو من أزفه إذا حمله على الزفيف؛ أي: يزف بعضهم بعضا. وفي «المفردات»: أصل الزفيف في هبوب الريح وسرعة النعامة، التي تخلط الطيران بالمشي، وزفزف النعام إذا أسرع. ﴿ما تَنْحِتُونَ﴾ والنحت: نجر الشجر والخشب ونحوهما من الأجسام. ففي «المختار»: نحته براه، وبابه ضرب وقطع أيضًا نقله الأزهري، والنحاتة: البراية.
﴿فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ من الجحمة، وهي شدة التأجج والالتهاب. ﴿فَأَرادُوا بِهِ كَيْدًا﴾ والكيد: ضرب من الاحتيال كما في «المفردات». ﴿بِغُلامٍ﴾ والغلام: الطارّ الشارب، والكهل ضده، أو من حين يولد إلى أن يشيب كما في «القاموس». وقال بعض أهل اللغة: الغلام من جاوز العشر، وأما من دونها فصبي. ﴿حَلِيمٍ﴾ والحليم من لا يعجل في الأمور، كما سبق.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التعبير بصيغة الماضي في قوله: ﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ للتأكيد والدلالة على تحقق الوقوع حتمًا.
ومنها: جناس الاشتقاق بين ﴿فاطلع، ومطلعون﴾.
ومنها: التعبير بالماضي في قوله: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ﴾ لإفادة التحقق والوقوع.
ومنها: الجمع بين المؤكدات في قوله: ﴿إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠)﴾ أكده بإن وبضمير الفصل وباللام وباسمية الجملة إفادةً، لفخامة تلك النعمة وعظمها. إذ الدنيا وما فيها تحتقر دونها، كما تحتقر القطرة من البحر المحيط، والحبة من البيدر الكبير.
ومنها: القصر في قوله: ﴿لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١)﴾؛ أي: لا لغيره من الحظوظ الدنيوية السريعة الانقطاع.