ثلاث كلمات (١):
إحداها: ﴿هنا﴾: وهو اسم إشارة للمكان القريب.
والثانية: اللام وهي للتأكيد.
والثالثة: الكاف وهي للخطاب. قالوا واللام فيها كاللام في ﴿ذلِكَ﴾ في الدلالة على بعد المشار إليه. فجند خبر مبتدأ محذوف، و ﴿ما﴾: زائدة أو صفة لـ ﴿جُنْدٌ﴾، و ﴿هُنالِكَ﴾: ظرف ﴿مَهْزُومٌ﴾؛ أي: مغلوب مكسور. وهو صفة ثانية لـ ﴿جُنْدٌ﴾. و ﴿مِنَ الْأَحْزابِ﴾ صفة ثالثة لـ ﴿جُنْدٌ﴾؛ أي: هم (٢) جند حقيرون ضعيفون من المتحزبين على رسول الله - ﷺ - سيصيرون منهزمين في الموضع الذي ذكروا فيه تلك الكلمات، وذلك الموضع هو مكة، وذلك الانهزام يوم فتح مكة، فكيف يكونون مالكي السموات والأرض وما بينهما؟. ومن أين لهم التصرف في الأمور الربانية.
والمعنى (٣): أي هؤلاء الذين يقولون هذه المقالة، ويوزعون رحمة ربك، بحسب أهوائهم هم جند كثير من الكفار المتحزبين على المؤمنين، مغلوبون في الوقائع التي ستكون بينك وبينهم، وستنتصر عليهم، كما حدث في بدر وغيرها. فأنى لهم تدبير الأمور الغيبية، والتصرف في الخزائن الربانية؟. وهذا خبر من الله تعالى لنبيه - ﷺ -، وهو بمكة، ولم يكن له يومئذ جند أنه سيهزم جند المشركين، فجاء تأويله يوم بدر وغيره من المواقع، وهذا من أعظم المعجزات، وأدل الدلائل على نبوة محمد - ﷺ -، وصدق كتابه، وأنه من عند الله تعالى لا من عند البشر، وهذا الكلام متصل بما تقدم وهو قوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢)﴾. هم جند من الأحزاب مهزومون، فلا تحزن لعزتهم وشقاقهم، فإني أسلب عزهم، وأهزم جمعهم، وقد وقع ذلك، ولله الحمد في يوم بدر، وفيما بعده من مواطن الله تعالى.

(١) روح البيان.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon