العبادة، من شوائب الشرك والرياء، بحسب ما أنزل في تضاعيف كتابه على لسان نبيه، من تخصيصه وحده بالعبادة، وأنه لا ند له ولا شريك.
والفاء في قوله: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ﴾. فاء: الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أيها الرسول الكريم، أنا أنزلنا إليك، وأردت بيان ما هو اللازم لك.. فأقول لك: اعبد الله مخلصًا له الدين، والإخلاص: أن يقصد العبد بنيته، وعمله إلى خالقه، لا يجعل ذلك لغرض من الأغراض. والدين: العبادة، والطاعة، ورأسها: توحيد الله، وأنه لا شريك له. وقرأ الجمهور (١): ﴿الدِّينَ﴾ بالنصب على أنه مفعول ﴿مُخْلِصًا﴾، وقرأ ابن أبي عبلة برفعه، على أنه فاعل، بمخلصًا، على طريقة الإسناد المجازي كشعر شاعر، وقال الزمخشري: وحق من رفعه أن يقرأ ﴿مخلَصًا﴾ بفتح اللام كقوله: ﴿وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ﴾، حتى يطابق قوله: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ﴾، والخالص، والمخلص واحد، وفي الآية دليل على وجوب النية، وإخلاصها عن الشوائب؛ لأن الإخلاص من الأمور القلبية، التي لا تكون إلا بأعمال القلب، وقد جاءت السنة الصحيحة: «أن ملاك الأمر في الأقوال والأفعال: النية»، كما في حديث: «إنما الأعمال بالنيات»، وحديث: «لا قول، ولا عمل إلا بنية».
٣ - ثم أكد هذا الأمر بقوله: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ﴾ ألا: حرف استفتاح وتنبيه؛ أي: انتبهوا من غفلتكم أيها العباد، واعلموا أن لله سبحانه، لا لغيره، الدين الخالص من شوائب الشرك، والعبادة الخالصة من شوائب الرياء، لا شركة لأحد معه فيها؛ لأن كل ما دونه ملكه، وعلى المملوك طاعة مالكه، وفي «الكواشي»: ألا لله الدين الخالص من الهوى، والشك، والشرك، فيتقرب به إليه رحمة، لا أن له حاجة إلى إخلاص عبادته. وفي «التأويلات النجمية»: الدين الخالص: ما يكون جملته لله، وما للعبد فيه نصيب، والمخلص: من خلّصه الله من حبس الوجود، بجوده لا بجهده.