وعن الحسن: الدين الخالص: الإسلام، لأن غيره من الأديان ليس بخالص من الشرك، فليس بدين الله الذي أمر به. فالله تعالى لا يقبل إلا دين الإسلام، وفي حديث رواه الحسن عن أبي هريرة: أن رجلا قال: يا رسول الله - ﷺ -، إني أتصدق بالشيء، وأصنع الشيء أريد به وجه الله تعالى، وثناء الناس، فقال رسول الله - ﷺ -: «والذي نفس محمد - ﷺ - بيده، لا يقبل الله شيئًا شورك فيه»، ثم تلا: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ﴾.
وبعد أن أبان سبحانه، أن رأس العبادة الإخلاص لله، أعقب ذلك بذم طريق المشركين، فقال: ﴿وَالَّذِينَ﴾ عبارة عن المشركين. ومحله الرفع على الابتداء، وخبره قوله الآتي: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾. ﴿اتَّخَذُوا﴾ يعني عبدوا ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ تعالى؛ أي: حال كونهم متجاوزين الله، وعبادته ﴿أَوْلِياءَ﴾؛ أي: أربابًا وأوثانًا كالملائكة، وعيسى، وعزير، والأصنام، ولم يخلصوا العبادة لله تعالى، بل شابوها بعبادة غيره حال كونهم قائلين: ﴿ما نَعْبُدُهُمْ﴾؛ أي: الأولياء لشيء من الأشياء ﴿إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى﴾؛ أي: تقريبًا، فهو مصدر مؤكد على غير لفظ العامل، ملاق له في المعنى، وكانوا إذا سئلوا عمن خلق السموات والأرض؟ قالوا: الله، فإذا قيل لهم: لم تعبدون الأصنام؟ قالوا: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله تعالى.
والحاصل: أن الموصول مبتدأ، خبره جملة ﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾، وجملة ﴿ما نَعْبُدُهُمْ﴾ إلخ، في محل النصب على الحال، بتقدير القول، والاستثناء مفرّغ من أعم الأشياء.
والمعنى: والذين عبدوا من دونه تعالى أوثانًا، ولم يخلصوا العبادة لله بل شابوها بعبادة غيره قائلين: ما نعبدهم لشيء من الأشياء، إلا ليقربونا إلى الله تقريبًا، ويشفعوا لنا عنده، وقرىء ﴿ما نعبدكم إلا لتقربونا﴾ حكاية لما خاطبوا به آلهتهم، ذكره في «المراح».
﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ خبر الموصول، كما مر؛ أي: إن الله يحكم يوم القيامة، بين المتخذين غير المخلصين، وبين خصمائهم المخلصين للدين، وقد


الصفحة التالية
Icon