﴿مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ الدأب: العادة المستمر عليها والشأن. ﴿فَمَا زِلْتُمْ﴾ من زال يزال، كخاف يخاف أصل زال: زول، كخاف أصله: خوف قلبت الواو ألفًا لتحركها بعد فتح ثم لما أسند الفعل إلى ضمير الرفع المتحرك، سكن آخره فالتقى ساكنان: الألف وآخر الفعل، فحذفت الألف فصار اللفظ: زلتم فحذفت حركة الفاء، ونقلت إليه شكلة العين المحذوفة، وهي الكسرة لأن ماضيه من باب فعل بكسر العين، فقيل ﴿زِلْتُمْ﴾ بوزن فِلتم.
﴿يُضِلُّ الله﴾ أصله: يضال نقلت حركة اللام الأولى إلى الضاد فسكنت، فأدغمت في اللام الثانية، ﴿مُرْتَابٌ﴾ فيه إعلال بالقلب، أصله: مرتيب بصيغة اسم الفاعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح. ﴿صَرْحًا﴾ والصرح: القصر الشامخ المنيف. وفي "المصباح": الصرح بيت واحد يبنى مفردًا طويلًا ضخمًا. وفي "الكشاف": الصرح: البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر، وإن بعد اشتقوه من صرح الشيء بالتشديد إذا ظهر، فإنه يكون لازمًا أيضًا، وفي "السمين" في سورة النمل: الصرح: القصر أو صحن الدار أو بلاط يتخذ من زجاج، وأصله: من التصريح، وهو: الكشف. اهـ.
وهذه المادة عجيبة في مدلولها، لإنها تدل في جميع مشتقاتها على الظهور والإبانة، قالوا: لبن صريح: إذا ذهبت رغوته وخلص، وعربي صريح، من عرب صرحاء غير هجناء، ونسب صريحٍ، وكأس صراح: لم تمزج، وصرحت الخمرة: ذهب عنها الزبد، ولقيته مصارحةً؛ أي: مجاهرةً، وصرح النهار: ذهب سحابه وأضاءت شمسه، وصرح بما في نفسه وبنى صرحًا وصروحًا وقعد في صرحة داره؛ أي: في ساحتها.
﴿الْأَسْبَابَ﴾: جمع سبب، وهو ما يتوصل به إلى شيء من حبل وسلم وطريق، والمراد هنا: الأبواب، قال زهير بن أبي سلمى:

وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنَايَا يَنَلْنَهُ وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
والسبب أيضًا: من مقطعات الشعر حرف متحرك وحرف ساكن، أو حرفان متحركان، والأول يسمى خفيفًا، والثاني ثقيلًا. ﴿إِلَّا في تَبَابٍ﴾ والتباب: الخسران والهلاك، ومنه قوله تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾. ﴿فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ أصله:


الصفحة التالية
Icon