المناسبة
قوله تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١)...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن (١) هذا المؤمن لما رأى تمادي قومه في تمردهم وطغيانهم.. أعاد إليهم النصح مرةً أخرى، فدعاهم أولًا إلى قبول هذا الدين الذي هو سبيل الخير والرشاد، ثم بيّن لهم حقارة الدنيا وعظم شأن الآخرة، وأنها هي الدار التي لا زوال لها، ثم ذكر أنه يدعوهم إلى الإيمان بالله، الذي يوجب النجاة والدخول في الجنات، وهم يدعونه إلى الكفر الذي يوجب الدخول في النار، ثم أردف هذا ببيان أنْ الأصنام لا تستجاب لها دعوه، فلا فلائدة في عبادتها، ومردُّ الناس جميعًا إلى الله العلم بكل الأشياء، وهو الذي يجازي كل نفس بما كسبت، وأن المسرفين في المعاصي هم أصحاب النار، ثم ختم نصحه بتحذيرهم من بأس الله، وتفويض أمره إلى الله الذي يدفع عنه كل سوء يراد به، ثم أخبر سبحانه بأنه استجاب دعاءه فوقاه السوء الذي دبّروه له، وحفظه مما أرادوه به من اغتياله، وأحاط بآل فرعون سوء العذاب فغرقوا في البحر، ويوم القيامة يكون لهم أشد العذاب في النار.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر في أول السورة أنه لا يجادل في آيات الله إلا القوم الكافرون، ثم ردّ على أولىك المبطلين المجادلين، تسليةً لرسوله، وتصبيرًا له على تحمل أذى قومه.. أردف ذلك وعده له بالنصرة على أعدائه في الدنيا والآخرة، وتلك سنة الله تعالى، فهو ينصر الأنبياء والرسل، ويقيّض لهم من ينصرهم على أعدائهم، ويملأ قلوبهم بنور اليقين، ويلهمهم أنّ النصرة لهم آخرًا مهما تقلبت بهم الأمور.
وعبارة أبي حيان هنا قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى...﴾ الآية، مناسبتها لما قبلها: أنه سبحانه لما ذكر (٢) ما حل بآل فرعون، واستطرد من ذلك إلى ذكر شيء من أحوال الكفار في الآخرة.. عاد إلى ذكر ما منح رسوله موسى عليه

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon