يؤاخذ أحدًا بذنب غيره، وكل منا كافر وكل منا يستحق العقاب، ولا يغني أحد عن أحد شيئًا.
٤٩ - ولما يئس الأتباع من المتبوعين.. رجعوا إلى خزنة جهنم يطلبون منهم الدعاء، كما حكى الله عنهم بقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ في النَّارِ﴾ من الضعفاء والمستكبرين جميعًا لما ذاقوا شدة العذاب، وضاقت حيلهم. ﴿لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ﴾؛ أي: للقوام بتعذيب أهل النار، جمع خازن من الخزن وهو: حفظ الشيء في الخزانة، ثم يعبر به عن كل حفظ، كحفظ السر ونحوه، ووضع ﴿جَهَنَّمَ﴾ موضع الضمير؛ للتهويل والتفظيع، وهي اسم لنار الله الموقدة: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ﴾ شافعين لنا ﴿يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا﴾؛ أي: في مقدار يومٍ واحدٍ من أيام الدنيا ﴿مِنَ الْعَذَابِ﴾؛ أي: شيئًا منه، فقوله: ﴿يَوْمًا﴾: ظرف لـ ﴿يُخَفِّفْ﴾ ومفعوله: محذوف و ﴿مِنَ الْعَذَابِ﴾: بيان لذلك المحذوف، واقتصارهم (١) في الاستدعاء على تخفيف قدر يسير من العذاب في مقدار قصير من الزمان دون رفعه رأسًا، أو تخفيف قدر كثير منه في زمان مديد لعلمهم بعدم كونه في حيز الإمكان.
والمعنى (٢): أي وقال أهل جهنم لخدمها وقوامها مستغيثين بهم من عظيم ما هم فيه من البلاء، رجاء أن يجدوا لديهم فرجًا من ذلك الكرب الذي هم فيه: ادعوا ربكم أن يخفف عنا مقدار يوم شيئًا من العذاب.
٥٠ - فرد عليهم الخزنة موبخين لهم على سوء ما كانوا يصنعون مما استحقوا عليه شديد العذاب، فـ ﴿قَالُوا﴾؛ أي: الخزنة لهم بعد مدة ﴿أَوَلَمْ تَكُ﴾: ﴿الهمزة﴾ فيه: للاستفهام التوبيخي التقريعي، داخلة على محذوف، و ﴿الواو﴾: عاطفة على ذلك المحذوف، تقديره: ألم تنبهوا على هذا ولم تك ﴿تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ﴾ في الدنيا على الاستمرار ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾؛ أي: بالحجج الواضحة الدالة على سوء عاقبة ما كنتم عليه من الكفر والمعاصي، أرادوا بذلك إلزامهم وتوبيخهم على إضاعة أوقات الدعاء، وتعطيل أسباب الإجابة؛ أي: أو ما جاءتكم الرسل بالحجج على توحيد الله لتؤمنوا به، وتبرؤوا مما دونه من الآلهة، فأجابوهم فـ ﴿قَالُوا﴾ أي الكفرة في جواب الخزنة ﴿بَلَى﴾ أي أتونا بها فكذبناهم كما في سورة المُلك أي قالوا أتونا بها فكذبناهم ولم

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon