الجوهري: والصور بكسر الصاد: لغة في الصور بضمها، وقرأت فرقة: ﴿صوركم﴾ بضم الصاد وإسكان الواو على نحو بسرة وبسر ﴿وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾؛ أي: من المأكولات اللذيذة، والمشروبات الحلوية.
والمعنى: أي وخلقكم فأحسن خلقكم، إذ خلق كلًّا منكم منتصب القامة، بادي البشرة، متناسب الأعضاء، متهيأً لمزاولة الصناعات واكتساب الكمالات، ورزقكم من طيبات المطاعم والمشارب.
﴿ذَلِكُمُ﴾ الموصوف بما ذكر من الصفات الجميلة، مبتدأ، خبره: ﴿الله﴾؛ أي: المستحق منكم العبادة ﴿رَبُّكُمْ﴾ الذي ربَّاكم بما يصلحكم، خبر آخر ﴿فَتَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ صفة خاصة بالله تعالى، أي: تقدّس وتنزّه وتعالى بذاته عن أن يكون له شريك في العبادة، إذ لا شريك له في شيء من تلك النعم، أو المعنى: كثر خيره، وتزايد برّه، ﴿رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾؛ أي: مالكهم ومربّيهم، والكل تحت ملكوته، مفتقرٌ إليه في ذاته ووجودهِ وسائر أحواله جميعًا، بحيثُ لو انقطع فيضه عنه آنًا.. لانعدم بالكلية.
أي (١): ذلكم الذي أنعم عليكم بهذه النعم، هو الذي لا ينبغي الألوهية إلا له، ولا تصلح الربوبية لغيره، لا مَنْ لا ينفع ولا يضر، فتقدس سبحانه وتنزّه، وهو رب العالمين.
٦٥ - ثم نبَّه إلى وحدانيته، وأمر بإخلاص العبادة له، فقال: ﴿هُوَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿الْحَيُّ﴾؛ أي: المتصف بالحياة الدائمة، المنفرد بالحياة الذاتية الحقيقة لا يموت، ويميت الخلق ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ سبحانه وتعالى، إذ لا موجود يدانيه في ذاته وصفاته وأفعاله ﴿فَادْعُوهُ﴾؛ أي: فاعبدوه خاصةً لاختصاص ما يوجبه به تعالى ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾؛ أي: الطاعة والعبادة من الشرك الجلي والخفيّ، مقرين له بالعبودية، قائلين ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)﴾.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: من قال: لا إله إلا الله.. فليقل على إثرها: الحمد لله رب العالمين، وذلك قوله تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon