المناسبة
المناسبة بين آخر السابقة وأول هذه السورة: أن السابقة ختمت بتهديد المعرضين عن آيات الله المكذبين بها، وهذه بدئت ببيان سبب إعراضهم بأن على قلوبهم أكنةً، وفي آذانهم وقر.
قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ...﴾ الآية، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين (١) ما يذكر المشركون من الأسباب التي تحول بينهم وبين قبول دعوته.. أمر رسوله أن يجيب عن كلامهم بأنه لا يقدر على جبرهم على الإيمان، وحملهم عليه قسرًا، فإنه بشر مثلهم، ولا ميزة له عليهم، إلا بأن الله أوحى إليه ولم يودع إليهم.
ثم ذكر أن خلاصة الوحي علم وعمل، أما العلم فدعامته التوحيد، وأما العمل فأسُّه الاستغفار والتوبة مما فرط من الذنوب، ثم أردف ذلك بالتهديد لمن يشرك بالله، ولا يزكي نفسه من دنس الشح والبخل، وينكر البعث والجزاء والحساب يوم القيامة، وينصرف إلى الدنيا ولذاتها، وبعد أن ذكر وعيد الكفار أعقبه بوعد المؤمنين الذين يعملون الصالحات، بأن لهم عند ربهم أجرًا دائمًا غير مقطوع ولا ممنوع.
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه، لما أمر رسوله بأن يقول للمشركين: إن ما تلقيته بالوحي، أن إلهكم إله واحد، فاخلصوا له العبادة.. أردف هذا بما يدل على كمال قدرته وحكمته في خلق السموات والأرض، على أطوار مختلفة متعاقبة، وأكمل لكل منها ما هي مستعدة له، وزين السماء بالنجوم والكواكب الثوابت والسيارات، ولا عجب؛ فذلك تقدير العزيز الغالب على أمره، العلم بكل ما فيها، لا يخفى عليه شيء منهما، فكيف يسوغ لكم أن تجعلوا الأوثان والأصنام شركاء له، وليس لها شيء في خلقهما وتقديرهما تعالى عن ذلك.
قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً...﴾ الآيات، مناسبتها لما

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon