قبلها: أن الله سبحانه لما أنكر عليهم عبادة الأنداد والأوثان، وطلب إليهم أن لا يعبدوا إلا الله الذي خلق السموات والأرض، وزين السماء الدنيا بالمصاييح، وأوجد في الأرض جبالًا رواسي، ثم أعرضوا عن كل ذلك، ولم يبق حينئذ طريق لعلاجهم.. أمر رسوله أن ينذرهم بحلول شديد النقم بهم، إن هم أصروا على عنادهم كما نزل بعاد وثمود من قبلهم.
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين كيف عاقب أولئك الجاحدين في الدنيا، وأذاقهم عذاب الهون بما كانوا يكسبون.. أردف ذلك بذكر عقابهم في الآخرة، ليكون ذلك أتم للزجر، وأكثر في الاعتبار لمن اعتبر.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد وغيرهم عن ابن مسعود قال: كنت مستترًا بأستار الكعبة، فجاء ثلاثة أنفار: قرشي وثقفيان، أو ثقفي وقرشيان، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه، فقال: أترون أن الله سمع كلامنا هذا، فقال الآخر: إنا إذا رفعنا أصواتنا.. سمعه، وإذا لم نرفعه.. لم يسمعه، فقال الآخر: إن سمع منه شيئًا.. سمع كله، قال: فذكرت ذلك لرسول الله - ﷺ -، فأنزل الله - عز وجل -: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿حم (١)﴾ خبر لمبتدأ محذوف؛ أي (١): هذه السورة مسماة بـ ﴿حم (١)﴾ فيكون إطلاق الكتاب عليها في قوله: ﴿كِتَابٌ﴾ إلخ. باعتبار أنها من الكتاب وجزء من أجزائه، وقيل: ﴿حم (١)﴾ اسم للقران، فيكون إطلاق الكتاب عليه حقيقة، وإنما (٢) افتتح السورة بـ ﴿حم (١)﴾ لأن معنى حم بضم الحاء وتشديد الميم على ما قال سهل - رحمه الله تعالى - قضي ما هو كائن.

(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon