المشركون ﴿لَتَكْفُرُونَ﴾؛ أي: لتنكرون ﴿بـ﴾ توحيد الإله العظيم الشأن ذي القدرة الباهرة والحكمة البالغة ﴿الَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ﴾ وأوجدها وأبدعها ﴿فِي يَوْمَيْنِ﴾ قيل: اليومان، يوم الأحد والاثنين؛ أي: قدر وحكم في الأزل بأنها ستوجد في مقدار يومين من أيام الآخرة، ويقال: من أيام الدنيا، كما في "تفسير" أبي الليث، وفي "عين المعاني" تعليمًا للتأني، وإن أمكن الإيجاد في الحال بلا إمهال، ووجه حمل اليومين على المعنيين المذكورين: أن اليوم الحقيقي إنما يتحقق بعد وجود الأرض، وتسوية السموات، وإبداع نيراتها وترتيب حركاتها؛ يعني: أن اليوم عبارة: عن زمان كون الشمس فوق الأرض، ولا يتصور ذلك قبل خلق الأرض والسماء والكواكب، فكيف يتصور الأرض في يومين؟ ويجوز أن يراد خلق الأرض في يومين؛ أي: في نوبتين، على معنى أن ما يوجد في كل نوبة يوجد بأسرع ما يكون، فيكون اليومان مجازًا عن دفعتين، على طريق ذكر الملزوم وإرادة اللازم، وقال سعدي المفتي: الظاهر أن اليوم على هذا التفسير بمعنى مطلق الوقت. انتهى.
وقرأ الجمهور (١): ﴿أَئِنَّكُمْ﴾: بهمزتين الثانية بين بين، وقرأ ابن كثير: بهمزة بعدها ياء خفيفة؛ أي: قل أيها الرسول لمشركي قومك، توبيخًا وتقريعًا لهم: كيف تكفرون بالله الذي خلق الأرض التي تقلكم في نوبتين، فتقولوا: إنه لا يقدر على حشر الموتى من قبورهم، وتنسبوا إليه الأولاد، وتقولوا: إنه لم يبعث أنبياء أي: كيف تقولون هذا مع أنه خلق الأرض في يومين؟.
وقوله: ﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا﴾؛ أي: أشباها وأمثالًا من الملائكة والجن والأصنام التي تعبدونها من دونه، معطوف على ﴿تَكْفُرُونَ﴾ داخل في حكم الإنكار والتوبيخ، وجمع الأنداد باعتبار ما هو الواقع، لا بأن يكون مدار الإنكار هو التعدد بمعنى تصفون له شركاء وأشباهًا وأمثالًا من الآلهة، والحال أنه لا يمكن أن يكون له ند واحد، فضلًا عن الأنداد.
والحاصل: أن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله - ﷺ - بأن ينكر عليهم أمرين (٢):
الأول: كفرهم بالله بإلحادهم في ذاته وصفاته، كالتجسم واتخاذ الصاحبة
(٢) روح البيان.