المناسبة
قوله تعالى: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه لما ذكر (١) الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة على الكفر والمعاصي.. أردف ذلك بذكر السبب الذي من أجله وقعوا في الكفر، ثم حكى عنهم جنايةً أخرى، وهي أنهم كانوا إذا سمعوا القرآن.. أعملوا الحيلة في عدم اسماع الناس له، حتى لا يتدبرّوا معناه، فتشاغلوا حين قراءَته يرفع الأصوات، وإنشاء الأشعار حتى يهوّشوا على القارىء، ويغلبوا على قراءَته، ثم ذكر أنهم حين يقعون في العذاب الشديد، يطلبون أن يروا من كانوا السبب في وقوعهم في الضلال من الجنّ والإنس، ليدوسوهم تحت أقدامهم، انتقامًا منهم على أن صيروهم في هذه الهاوية.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنّ الله سبحانه لما أسلف القول في وعيد الكفار بما لم يبق بعده في القوس منزع.. أعقبه بهذا الوعد الشريف للمؤمنين، كما هي سنة القرآن من اتباع أحدهما بالآخر، كما جاء في قوله: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)﴾. قال عطاء عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر أنّ قرناء السوء يدعون إلى المعاصي.. أردف ذلك بذكر حال أضدادهم، الذين يدعون الناس إلى توحيد الله تعالى وطاعته، ثم أعقب هذا بأن الحسنة والسيئة لا يستويان ثوابًا عند الله تعالى، ثمّ أمر رسوله بدفع سفاهات المشركين وجهالاتهم بطريق الحسنى، لما في ذلك من تألّف القلوب وارعواء النفوس عن غيّها وثوبها إلى رشدها، وأرشد إلى أن هذه فعلة لا يتقبّلها إلا الصابرون على احتمال المكاره، ومن لهم حظ عظيم من الثواب عند الله، ثمّ ختم ذلك بتلك النصيحة الذهبية، وهي أنه إذا صرف الشيطان المرء عن شيء مما شرعه الله تعالى.. فليتعوّذ من شرّه، ولا يطعه في أمره، والله سميع لما يقول،