﴿وَهُوَ الْقَوِيُّ﴾ من القوة، والقوة في الأصل: صلابة البنية وشدتها المضادة للضعف، وهي محالة على الله سبحانه وتعالى، فهي في حقه تعالى بمعنى القدرة، لكونها مسببة عن القوة، فمعنى القوي: هو ذو القدرة التامة، التي يوجد بها كل شيء من الكائنات، ويعدمه على طبق مراده، كما ذكرناه في كتابنا المذكور.
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ والحرث في الأصل إلقاء البذر في الأرض، ويطلق على الزرع الحاصل منه، ويستعمل في ثمرات الأعمال ونتائجها، بطريق الاستعارة المبنية على تشبيهها بالغلال، الحاصلة من البذور، المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور، اهـ "أبو السعود". من حيث إنها فائدة تحصل بعمل الدنيا.
﴿نَزِدْ لَهُ﴾ فيه إعلال بالنقل والتسكين، أصله: نزيد فعل مضارع جزم لوقوعه جواب الشرط. فلما سكن آخره التقى ساكنان، فحذفت الياء بعد نقل حركتها إلى الزاي، فصار وزنه نفل. ﴿نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ وزنه نفعه لحذف لامه، لمناسبة جزم الفعل، الواقع جوابًا للشرط.
﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ﴾؛ أي: في الكفر، وهم الشياطين. ﴿شَرَعُوا لَهُمْ﴾؛ أي: زينوا لهم. ﴿مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا فحسب. ﴿كَلِمَةُ الْفَصْلِ﴾ هي القضاء، والحكم السابق منه بالنظرة إلى يوه القيامة. ﴿فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ﴾ جمع روضة، والروضة: مستنقع الماء والخضرة، وروضات الجنات أطيب بقاعها وأنزهها. ﴿يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ﴾ والبشارة الإخبار بحصول ما يسر في المستقبل. ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ المودة: مودة الرسول - ﷺ -. والقربى: مصدر، كالزلفى بمعنى القرابة التي هي بمعنى الرحم.
﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً﴾ قال الراغب: أصل القرف والاقتراف: قشر اللحاء عن الشجرة والجليدة عن الجذع، وما يؤخذ منه قرف، واستعير الاقتراف للاكتساب حسنيًا كان أو سوئيًا، وفي الإساءة أكثر استعمالًا، ولهذا يقال: الاعتراف يزيل الاقتراف. ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ والفرق بين الافتراء والكذب: أن الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه، والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه.


الصفحة التالية
Icon