البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاكتفاء في قوله: ﴿يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ﴾؛ أي: ويحرم من يشاء.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: ﴿حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ حيث شبه ما يعمله العامل من العمل الصالح بالحرث، الذي هو إلقاء البذر في الأرض، أو الزرع الحاصل منه، ثم حذف المشبه، وهو العمل الصالح، وأبقي المشبه به، وهو الحرث، للدلالة على نتائج الأعمال وثمراتها، وشبه بالزرع، من حيث إنه فائدة تحصل بعمل الدنيا، ولذلك قيل: الدنيا مزرعة الآخرة.
ومنها: الطباق بين ﴿حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ و ﴿حَرْثَ الدُّنْيَا﴾.
ومنها: المشاكلة أو التهكم في قوله: ﴿شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ﴾؛ لأن ذكر الدين للمشاكلة؛ لأنه في مقابلة دين الله تعالى، أو للتهكم بهم.
ومنها: الإسناد المجازي في قوله: ﴿شَرَعُوا﴾ حيث أسند التشريع إلى الشركاء التي هي الأصنام، مع كونها بمعزل عن الفاعلية، فهو من قبيل إسناد الفعل إلى السبب؛ لأنها سبب ضلالتهم وافتتانهم، كقوله تعالى: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾.
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: ﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ تسجيلًا عليهم بالظلم، ودلالة على أن العذاب الأليم، الذي لا يكتنه كنهه، إنما يلحقهم بسبب ظلمهم وإنهماكهم فيه.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾؛ أي: إلا المحبة لأهل قرابتي حيث أطلق الحال، وهو القرابة، وأراد المحل، وهو أهلها فقد جعلوا مكانًا ومقرًا لها.
ومنها: الطباق بين ﴿يَمْحُ﴾ و ﴿يُحِقُّ﴾ وبين ﴿الْحَقَّ﴾ و ﴿الْبَاطِلَ﴾ في قوله


الصفحة التالية
Icon