اليبس المانع من قبول الأثر، والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل، فالعقم كما يقع صفة للمرأة، يقع صفة للرجل، بأن يكون في مائه ما يمنع العلوق من الأعذار. ﴿إِلَّا وَحْيًا﴾ قال الراغب: ومعنى الوحي: الإشارة السريعة، يقال: أمر وحي؛ أي: سريع، ثم اختص في عرف اللغة بالأمر الإلهي الملقى إلى الأنبياء، وفي "المصباح": الوحي: الإشارة، والرسالة، والكتابة، وكل ما ألقيته إلى غيرك ليعلمه وحي كيف كان، قاله ابن فارس، وهو مصدر وحى إليه يحي من باب وعى، وأوحى إليه بالألف مثله، وجمعه وحي، أصله: وحوي بوزن فعول، مثل: فلوس، وبعض العرب تقول: وحيت إليه، ووحيت له، وأوحيت إليه وله، ثم غلب استعمال الوحي فيما يلقى إلى الأنبياء من عند الله تعالى، ولغة القرآن الفاشية أوحى بالألف، اهـ.
﴿إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ والصراط من السبيل مالا التواء فيه؛ أي: لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد. ﴿تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ أصله: تصير بوزن تفعل نقلت حركة الياء إلى الصاد، فسكنت الياء إثر كسرة فصارت حرف مد.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جناس المزاوجة اللفظي في قوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾؛ لأن إطلاق السيئة على الثانية، مع أنها جزاء وقصاص مشروع مأذون فيه، وكل مأذون حسن لا سيء لقصد المزاوجة، ويعبر عنها بعضهم بالمشاكلة، ومثله قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ فسمى جزاء الاعتداء اعتداء، مع أنه مأذون فيه، ليكون في نظم الكلام مزاوجة؛ أي: مشاكلة.
ومنها: التعبير بصيغة الماضي في قوله: ﴿لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾ للدلالة على تحقق وقوعه؛ لأن مقتضى الظاهر أن يقال: لما يرون العذاب لاستقباله.


الصفحة التالية
Icon