النهي عنها، ثم رد مقالهم بأن المشيئة إنما هي ترجيح بعض الأشياء على بعض، ولا دخل لها في حسن أو قبح، وبعد أن أبطل استدلالهم العقلي.. نفى أن يكون لهم دليل نقلي على صحة ما يدعون، ثم أبان أن ما فعلوه إنما هو بمحض التقليد عن الآباء، دون حجة ولا برهان، وهم ليسوا ببدع في ذلك، فكثير من الأمم قبلهم، قالوا مثل مقالهم، مع أن الرسل بينوا لهم الطريق السويّ، فكفروا به واتبعوا سنن من قبلهم حذو القذة بالقذة، فكان عاقبة أمرهم أن حل بهم نكالنا، كما يشاهدون ويرون من آثارهم.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا...﴾ الآيات، سبب نزولها (١): ما أخرجه ابن المنذر عن قتادة قال: قال ناس من المنافقين: إن الله صاهر الجن فخرجت من بينهم الملائكة، فنزل فيهم: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا...﴾ الآيات.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿حم (١)﴾ (٢) كونه اسمًا للقرآن؛ أي: هذا القرآن يسمى بـ ﴿حم﴾، أو اسمًا للسورة؛ أي: هذه السورة تسمى بـ ﴿حم﴾، وقيل: ﴿حم﴾ إشارة إلى الاسمين الجليلين من أسمائه تعالى، وهما: الحنان والمنان.
فالحنان: هو الذي يقبل على من أعرض عنه. وفي "القاموس": الحنان كشداد، اسم لله تعالى ومعناه: الرحيم انتهى.
والمنان: هو الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، كما في "القاموس": المنان من أسماء الله تعالى، المعطي ابتداء، انتهى. وقد جعل في داخل الكعبة ثلاث اسطوانات. الأولى: اسطوانة الحنان. والثانية: اسطوانة المنان، والثالثة: اسطوانة الديان، وإنما أضيفت إلى الله تعالى تعظيمًا لها، كما قيل: بيت الله،
(٢) روح البيان بتصرف.