وقرأ الجمهور (١): ﴿تُخْرَجُونَ﴾ مبنيًا للمفعول، وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب وعبد الله بن جبير المصبح وعيسى وابن عامر والأخوان حمزة والكسائي: ﴿تُخْرَجُونَ﴾ مبنيًا للفاعل.
والمعنى: أي (٢) وهو الإله الذي ينزل من السماء ماء بقدر الحاجة، فلا يجعله كثيرًا حتى لا يكون عذابًا، كالطوفان الذي أنزل على قوم نوح، ولا قليلًا لا يكفي النبات والزرع، لئلا تهلكوا جوعًا، فتحي به الأقاليم التي كانت خالية من النبات والشجر، وكما أحيينا الأرض بعد موتها بالماء نحييكم ونخرجكم من قبوركم أحياء
١٢ - ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا﴾؛ أي: خلق أصناف المخلوقات بأسرها، كما قال: ﴿مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾ لا يشذ شيء منها عن إيجاده واختراعه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الأزواج: الضروب والأنواع، كالحلو والحامض، والأبيض والأسو د. والذكر والأنثى، وقيل: كل ما سوى الله فهو زوج كفوق وتحت، ويمين وشمال، وقدام وخلف، وماض ومستقبل، وذات وصفات، وأرض وسماء، وبر وبحر، وشمس وقمر، وليل ونهار، وصيف وشتاء، وجنة ونار إلى غير ذلك مما لا يحصى، وكونها أزواجًا يدل على أنها ممكنة الوجود، وأن محدثها فرد منزه عن المقابل والمعارض ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ﴾؛ أي: من السفن الجارية في البحر ﴿وَالْأَنْعَامِ﴾؛ أي: من الإبل والدواب، أعني: الخيل والبغال والحمير ﴿مَا تَرْكَبُونَ﴾؛ أي: ما تركبونه في البحر والبر على تغليب إحدى اعتباري الفعل لقوته على الآخر، فإن ركب يعدى إلى الأنعام بنفسه، يقال: ركبت الدابة وإلى الفلك بواسطة حرف الجر، يقال: ركبت في الفلك، وتقديم البيان على المبين للمحافظة على الفاصلة النونية. وتقديم الفلك على الأنعام، لأن الفلك أدل دليل على القدرة الباهرة، والحكمة البالغة.
والمعنى: أي وهو الإله الذي خلق سائر الأصناف، مما تنبت الأرض من

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon