نبات، وأشجار، وثمار، وأزاهير، ومن الحيوان على اختلاف أجناسها وألوانها ولغاتها، وجعل لكم من السفن ما تركبونه في البحار، إلى حيث تقصدون لمعايشكم ومتاجركم، ومن الأنعام ما تركبونه في البر، كالإبل والخيل والبغال والحمير، ومما سَيَجِدُّ من وسائل المواصلات، وطرق النقلة برًا وبحرًا، كما جاء في سورة النحل، من قوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨)﴾ من الباخرة، والطائرة، والسيارة إلى غير ذلك.
١٣ - ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾؛ أي: لتستعلوا على ظهور ما تركبونه من الفلك والأنعام، والظهور للأنعام حقيقة لا للفلك، فدل على تغليب الأنعام على الفلك، وإيراد لفظ ظهور بصيغة الجمع، مع أن ما أضيف إليه مفرد، نظرًا للمعنى؛ لأن مرجع الضمير جمع في المعنى، وإن كان مفردًا في اللفظ ﴿ثُمَّ تَذْكُرُوا﴾ بقلوبكم ﴿نِعْمَةَ رَبِّكُمْ﴾ عليكم ﴿إِذَا اسْتَوَيْتُمْ﴾ وارتفعتم ﴿عَلَيْهِ﴾؛ أي: على ظهر ما تركبونه. والمراد: الذكر بالقلوب؛ لأنه هو الأصل، وله الاعتبار، فقد ورد "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم، بل إلى قلوبكم ونياتكم"، وبه يظهر وجه إيثار تذكروا على تحمدوا.
والمعنى: ثم تذكروا نعمة ربكم بقلوبكم إذا استعليتم عليه، معترفين بها مستعظمين لها، ثم تحمدوا عليها بألسنتكم ﴿وَتَقُولُوا﴾ متعجبين من ذلك ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ﴾ وذلل ﴿لَنَا هَذَا﴾ المركوب، وقرأ علي بن أبي طالب ﴿سبحان من سخر لنا هذا﴾ ﴿وَمَا كُنَّا لَهُ﴾؛ أي: لهذا المركوب ﴿مُقْرِنِينَ﴾؛ أي: مطيقين بتذليلها، وقرىء ﴿مقترنين﴾ اسم فاعل من اقترن، يعني: ليس عندنا من القوة والطاقة، أن نقرن هذه الدابة والفلك، وأن نضبطها، فسبحان من سخر لنا هذا بقدرته وحكمته، وهذا من (١) تمام ذكر نعمته تعالى، إذ بدون اعتراف المنعم عليه، بالعجز عن تحصيل النعمة، لا يعرف قدرها، ولا حق المنعم بها
١٤ - ﴿وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا﴾ ومالك أمرنا، لا إلى غيره ﴿لَمُنْقَلِبُونَ﴾؛ أي: راجعون بالموت، فيجازي كل نفس بما عملت، فاستعدوا لهذا اليوم، ولا تغفلوا عن ذكره في حلكم وترحالكم