يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} الآية ورُوي (١): أن بعض العرب وضعت امرأته أنثى، فهجر البيت الذي ولدت فيه، فقالت:
مَا لأَبِي حَمْزَةَ لَا يَأْتِيْنَا | يَظَلُّ فِيْ الْبَيْتِ الَّذِيْ يَلِينَا |
غَضْبَانَ أَنْ لَا نَلِدَ الْبَنِيْنَا | لَيْسَ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا شِيْنَا |
يقول الفقير: هذه (٢) صفة المشركين، فإنهم جاهلون بالله، غافلون عن خفي لطفه، تحت جلي قهره، وأما الموحدون فحالهم الاستبشار، بما ورد عن الله أيا كان، إذ لا يفرقون بين أحد من رسله، كما أن الكريم لا يغلق بابه على أحد من الضيفان، والفاني عما سوى الله تعالى ليس له مطلب، وإنما مطلبه ما أراد الله تعالى.
١٨ - ثم كرر الإنكار وأكده، فقال: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾ الهمزة فيه للاستفهام الإنكاري الاستقباحي داخلة على محذوف، والواو عاطفة على ذلك المحذوف، و ﴿مَن﴾ واقعة على الأنثى، والتنشئة: التربية، والحلية ما يتحلى به الإنسان ويتزين، والتقدير (٣): أيجترئون ويبلغون الغاية في إساءة الأدب ويجعلون لله تعالى الأنثى التي تنشأ وتربى وتكبر في الحلية والزينة لنقصها، إذ لو كملت في نفسها، لما تكملت بالزينة، وهي أيضًا ناقصة العقل، لا تقدر على إقامة الحجة عند الخصام كما قال ﴿وَهُوَ﴾؛ أي: ذلك المنشأ في "الحلية" ذكر الضمير باعتبار لفظ من؛ أي: وهو مع ما ذكر من نقص ذاتها ﴿فِي الْخِصَامِ﴾؛ أي: مع من يخاصمه ويجادله؛ أي: في الجدال الذي لا يكاد يخلو الإنسان منه في العادة ﴿غَيْرُ مُبِينٍ﴾؛ أي: غير قادر على تقرير دعواه، وإقامة حجته، كما يقدر الرجل عليه، لنقصان عقله وضعف رأيه، وربما يتكلم عليه، وهو يريد أن يتكلم له، وهذا بحسب الغالب، وإلا فمن الإناث من هو أهل الفصاحة، والفاضلات على الرجال.
(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الفتوحات.
(٢) روح البيان.
(٣) الفتوحات.