قال الأحنف: سمعت كلام أبي بكر - رضي الله عنه - حتى مضى، وكلام عمر - رضي الله عنه - حتى مضى، وكلام عثمان - رضي الله عنه - حتى مضى، وكلام علي - رضي الله عنه - حتى مضى، لا والله، ما رأيت أبلغ من عائشة - رضي الله عنها - وقال معاوية - رضي الله عنه -: ما رأيت أبلغ من عائشة، ما أغلقت بابًا، فأرادت فتحه، إلا فتحته، ولا فتحت بابًا، فأرادت إغلاقه إلا أغلقته، ويدل عليه قوله - ﷺ - في حقا: "إنها ابنة أبي بكر" إشعارا بحسن فهمها، وفصاحة منطقها.
والمعنى (١): أي أو قد جعلوا لله الأنثى التي تتربى في الزينة، وإذا خوصمت لا تقدر على إقامة حجة، ولا تقرير دعوى، لنقصان عقلها وضعف رأيها، وما كان ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك.
وفي قوله ﴿يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾ إيمأ (٢) إلى ما فيهن من الدعة والراحة ورخاوة الخلق، بضعف المقاومة الجسمية واللسانية، كما أن فيه دلالة على أن النشوء في الزينة، ونعومة العيش من المعايب والمذام للرجال، وهو من محاسن ربات الحجال، فعليهم أن يجتنبوا ذلك، ويأنفوا منه، ويربؤوا بأنفسهم عنه، قال شاعرهم:
كُتِبَ القَتْلُ وَالْقِتَالُ عَلَيْنَا | وَعَلَى الْغَانِيَاتِ جَرُّ الذَّيُوْلِ |
وفيها إشارة (٣) إلى أن المرء المتزين كالمرأة، فالعاقل يكتفي بما يدفع الحر والبرد، ويجتهد في تزيين الباطن، فإنه المنظر الإلهي، ولو كانت للنساء عقول
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.